الصحة هي حالة في العضو بها يفعل الفعل الذي له بالطبع او ينفعل الانفعال الذي له وهذا الحد للصحة هو من الحدود الظاهرة بانفسها ولما كانت الاعضاء على ما يشاهد بالحس صنفين اما متشابهة واما الية وجب ان ننظر في صنف صنف منها ما هي هذه الحال ونعطي انواعها وفصولها ثم بعد ذلك نعرف ما الفعل الذي يخص عضوا عضوا وما الانفعال فانا اذا فعلنا ذلك نكون قد احطنا بمعرفة ما هي الصحة على التمام ولنبدا بالقول في الأجسام المتشابهة الاجزاء فنقول اما الحال التي بها يفعل العضو المتشابه الفعل الذي له او ينفعل الانفعال الذي له فالسبيل الى الوقوف على ما هي هذه الحال تكون في هذه الصناعة بعد ان نتسلم في ذلك اشياء تبينت في العلم الطبيعي وذلك انه قد لاح هنالك ان جميع الاجسام المتشابهة الاجزاء بما هي اجسام متشابهة الاجزاء مركبة من الاسطقسات الاربعة التي هي النار والهواء والماء والارض وذلك في كتاب الكون والفساد ولاح ايضا هنالك ان تولدها منها انما يكون بجهة الاختلاط والمزاج وتبين مع هذا في الرابعة من الاثار ان الاختلاط والمزاج انما يكون بالطبخ وان الطبخ انما يكون بالحرارة وان فصول هذه الاجسام المتشابهة انما هي في مقادير الحرارة والبرودة الموجودة فيها وفي مقادير الرطوبة واليبوسة وبالجملة فتبين هنالك انه ليست صورها شيا غير صورة الامتزاج وان الاعراض الخاصة بصنف صنف منها انما توجد تابعة لمثل هذه الصور المزاجية فهذه احد الاشياء التي ينبغي ان يصادر ها هنا عليها وهي اشياء قد تبينت في العلم الطبيعي بالبراهين الخاصة المناسبة والاطباء اذا راموا التكلم في هذه الاشياء في هذه الصناعة كانت اقاويلهم / في ذلك غير خاصة ولا مناسبة وذلك انهم يرومون بيان امور عامة لموجودات خاصة فتكون محمولاتهم غير اول ولا من طريق ما هو فيقعون دون ما يرومونه من البرهان وتصير اقاويلهم جدلية وارفع رتبتها ان تكون منطقية وهذا لايح لمن زاول صناعة المنطق ونظر في كتبهم فلنرجع الى حيث كنا فنقول انه اذا كانت هذه الاشياء على ما وصفنا فليست هذه الحال التي بها نقول في العضو المتشابه انه يفعل فعله او ينفعل انفعاله شيا غير الصورة المزاجية المتولدة عن مقاليد اختلاط الاسطقسات الاربعة ولما كانت الاشياء المختلطة انما توجد في المختلط على ضربين احدهما ان تكون متساوية المقادير وهذا الاختلاط يسمى معتدلا بالاضافة الى الاطراف اذ كان هو الوسط بينها. والوجه الثاني ان تكون مختلفة المقادير وهذا الاختلاف ضروب وبضروب هذا الاختلاف اختلفت امزجة الانواع فصار مثلا مزاج الفرس انما يخالف مزاج الانسان لان مقادير الاسطقسات امتزجت فيه على نسبة مخالفة لنسبة امتزاج مقاديرها في الانسان. ولما كانت هذه الصورة المزاجية التي تخص نوعا نوعا يوجد فيها في النوع الواحد بعينه الاختلاف بالاقل او الاكثر ولذلك اطراف لا يخرج الاختلاف عنها الا اذا فسدت صحة النوع وجب ان يوجد في المزاج النوعي الواحد بعينه النوعين معتدل وخارج عن الاعتدال وذلك اما في كيفية واحدة من الكيفيات الاربع واما في اثنين منها مما يمكن ان يتركب منها وهي الفاعلة والمنفعلة التي ليست باضداد مثل الحرارة والرطوبة والحرارة واليبوسة واذا كان ذلك كذلك فامزجة المتشابهة الاجزاء تكون ضرورة تسعة امزجة اما معتدل واما حار واما بارد واما يابس واما حار رطب واما حار يابس واما بارد رطب واما بارد يابس واما هل توجد هذه التسعة في بدن الانسان بالاضافة الى اطراف الاسطقسات فانه انما يمكن هذا ان امكن ان يوجد جسم متشابه الاجزاء مقادير الاسطقسات فيه متساوية فان في ذلك موضع فحص لكن يظهر ان ذلك غير ممكن في كمية اجرامها اعني الثقل والخف وذلك ان الاجسام المتشابهة الاجزاء الغالب عليها الماء والارض ولذلك كان لها قوام واما وجود هذا التعادل في الكيفية فذلك ممكن كما يقول جالينوس في لحم اليد وبخاصة اللحم الذي على الانملة واذا كان هذا كله كما وصفنا فالحال التي بها يفعل المتشابه الاجزاء فعلها او تنفعل هي ضرورة احد هذه الامزجة التسعة سواء كانت المتشابهة جزء حيوان او لم تكن ولهذا ما ينبغي ان يعرف المزاج الطبيعي من هذه التسعة لواحد واحد من الاعضاء المتشابهة الأجزاء الذي للانسان فان ذلك المزاج هو المعتدل بالاضافة الى فعل ذلك العضو او انفعاله وهو الاعتدال الذي يقال بالاضافة الى النوع وهو الذي ينبغي ان نقصد بالحفظ في هذه الصناعة او الاسترداد اذا ذهب وبالوقوف على واحد واحد من اعضاء الانسان المتشابهة الاجزاء نقف على مزاج العضو المركب من اكثر واحد واحد منها فان المزاج قد ينسب الى العضو الالي من جهة الاعضاء المتشابهة الاجزاء الذي تركب منها لا من جهة ما هو ألي واذا وقفنا بهذا الوجه على مزاج عضو عضو من الاعضاء الالية قدرنا ان نقف بذلك على المزاج المعتدل المنسوب الى جملة البدن فان المزاج ايضا انما ينسب الى جملة البدن من جهة وجوده للاعضاء الالية التي تركب منها وللاعضاء الالية من جهة المتشابهة وينبغي ان تعلم قبل ان هذه الاعضاء المتشابهة الاجزاء منها ما يتركب عن الاسطقسات تركيبا اوليا ومنها ما يتركب تركيبا ثانيا ويتوسط المركبات تركيبا اوليا والاعضاء المتشابهة التي هي اجزاء الحيوان هي من هذا الصنف وذلك انها انما يتولد عن الدم فقط والدم يتولد عن الاغذية والاشربة وليس المني مما يمكن ان يتولد / منه جزء عضو بسيط ولا عضو اصلا على ما لاح في علم الطبيعي ولا ايضا المرة السوداء والصفراء والبلغم اسطقسات هذه الاعضاء المتشابهة على الجهة التي نقول ان الدم هو اسطقستها وانها متولدة عنه وذلك ان الشيء المتولد عن اكثر من شيء واحد انما يتهيا ذلك بان تختلط تلك الاشياء الكثيرة حتى تصير واحدا كالحال في السكنجبين الذي يكون عن اختلاط الخل والعسل والماء وليس في الرحم مرة سوداء بالفعل ولا صفراء تختلط بالدم حتى يتولد منها هذه الاعضاء بل المرة الصفراء والسوداء في بدن الانسان لمنافع ستبين بعد. فاما البلغم فانه مادة بعيدة وذلك ان الاعضاء انما تتولد منه بتوسط الدم. فاما المرتان فليستا بمادة للاعضاء لا قريبة ولا بعيدة اذ كان ليس يمكن فيها ان تستحيل الى الدم وانما هي موجودة في الدم بالقوة والدم اذا فسد اكثر ذلك استحال اليها وانما غلطهم في ذلك موضع اللاحق وذلك ان الاسطقسات موجودة في المركب منها بالقوة وليس ينعكس هذا حتى يكون كل ما هو موجود في الشي بالقوة فهو اسطقس له بل الدم يكون هيولي لهذه والفرق بين القوتين لمن زاول العلم الطبيعي بين ولذلك لا نقول ان الدردي والرغوة اسطقسات الشراب بل انما يتكون الشراب بتمييز هذه منه وذلك انها فضول هيولاه تميز عند الطبخ وكذلك الحال في المرتين مع الدم واذ قد تبين هذا فلنرجع الى حيث كنا وننظر في واحد واحد من امزجة الاعضاء المتشابهة الاجزاء التي هي جزء حيوان.
صفحہ 42