الثالث: كونه مما الحق فيه مع واحد، والمخالف مخطئ آثم. وذلك كالمسائل القطعية. وكذلك المسائل الإجتهادية عند من يقول: إن الحق فيها مع واحد.وأما من يقول: كل مجتهد مصيب فالحق أنه حجة ظنية أيضا، كالخبر الآحادي إذا اجتمعت فيه الشروط. إذ العادة تقضي مع الإنتشار، وعدم التقية، أن ينكره المخالف ويظهر حجته، فيغلب في الظن حينئذ أن سكوتهم سكوت رضى.
نعم: وقد بين المصنف هذه الشروط بقوله: (( ويعرف رضاؤهم )) _ يعني _ الساكتين (( بعدم الإنكار مع الإشتهار، وعدم ظهور حامل لهم على السكوت، وكونه مما الحق فيه مع واحد )) كما بيناه مفصلا.
(( ويسمى هذا )) أي: الإجماع الذي يثبت بهذه الطريق (( إجماعا سكوتيا )) ولا يخفى وجه التسمية.
(( وهو )) أي: الإجماع الجامع لهذه الشروط كلها (( حجة )). لأنه إذا كان على ما ذكره، كان سكوتهم سكوت رضى قطعا. إذ لو لم يرضوا به لأنكروه، لوجوب إنكار مثله، وإلا كانوا قد أجمعوا على ضلالة. وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( لن تجتمع أمتي على ضلالة ). فتأمل! ولكن يكون حجة (( ظنية )) لا قطعية (( وإن نقل تواترا )) أيضا. لاحتماله.
(( وكذا القول إن نقل آحادا )) فإنه يكون حجة ظنية. وهو المسمى بالإجماع الآحادي. (( فإن تواتر )) نقل الإجماع غير السكوتي ((فحجة قاطعة )). كالكتاب، والسنة المتواترة. (( يفسق مخالفه )) للوعيد عليه. وناهيك بآية المشآقة، وهي (( قوله تعالى: ( ويتبع غير سبيل المؤمنين ...الآية ).بكمالها وهي قوله تعالى : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا }. (( لتكونوا شهداء على الناس )). (( ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لن تجتمع أمتي على ضلالة )). ونحوه كثير ففيه تواتر معنوي.
صفحہ 55