(( و)) كذلك يجوز إحداث (( تأويل ثالث )). أي: إذا تأول العصر الأول الظاهر بتأويلين، جاز لمن بعدهم إحداث تأويل ثالث. هذا كله إذا لم ينصوا على بطلا نه .أما إذا نصوا على بطلانه، فلا يجوز اتفاقا. والدليل على الجواز: أن العلماء لم يزالوا في كل عصر يستنبطون أدلة وعللا وتأويلات بلا تن كر بينهم في ذلك، فكان إجماعا على جوازه. والله أعلم .
(( وطريقنا إلى العلم بانعقاد الإجماع )) ووقوعه أمور .إذ لا يعلم ببديهة العقل، ولا باستدلال عقلي قطعا.
فحينئذ الطريق إليه:
(( إما )) السماع لأقاويلهم .
أو (( المشاهدة )) لكل واحد من أهل الإجماع يفعل مثل ذلك الفعل الشرعي، أو يترك ذلك الشيء.ويعلم من كل منهم أنه تركه لدليل شرعي .إما مقتض للتحريم أو للكراهية .ويعرف ذلك من قصدهم .
(( وإما النقل )) حيث نقل (( عن كل واحد )) من المجمعين المعتبرين في الإجماع أنه سمع منه أو فعل أو ترك مثل ذلك كذلك .فإنه يكون إجماعا .فإن أثمر النقل العلم لبلوغ الناقل حد التواتر، فالإجماع قطعي، وإلا فظني. كما سيأتي بيانه.
(( أو )) نقل (( عن بعضهم )). أي: عن بعض الأمة القول به، أو الفعل، أو الترك له، كذلك .لكن (( مع نقل رضاء الساكتين )) عنه حتى أنهم لو أفتوا لما أفتوا إلا به، ولو حكموا لما حكموا إلا به.فهذا معنى الرضى. ويعرف رضاؤهم بعدم إنكارهم لما قال به المفتى، أو فعله، أو تركه. ولكن لا يكون عدم الإنكار رضى إلا بشروط ثلاثة :
الأول: إنتشاره بينهم حتى لم يخف على أحد منهم. فلو لم ينشر لم يكن عدم الإنكار رضى. لجواز أنهم لو علموا لأنكروه .
الثاني: عدم ظهور سبب التقية، حتى يعلم أن سكوتهم ليس لأجلها، وإلا لم يكن رضى .
صفحہ 54