(( ولإجماعهم )) أي: الصحابة (( على تخطئة من خالف الإجماع ومثلهم لا يجمع على تخطئة أحد في أمر شرعي إلا عن دليل قاطع )). فدلت هذه الآية على فسق مخالفه، ودلت أيضا على حجيته.
أما الآية فوجه الإستدلال بها: أنه تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين كما توعد على مشآقة الرسول. فوجب كونه حجة كهما . وأما: الحديث فلأنه قد بين صلى الله عليه وآله وسلم: أن أمته لن تجتمع على ضلالة. فوجب أنهم لا يجمعون إلى على الحق. إذ لا واسطة بينهما. لقوله تعالى : {فماذا بعد الحق إلا الضلال }.فاقتضى ذلك عصمتهم عن الخطأ .فحرمت مخالفتهم. وأيضا فإن ما يؤدي هذا المعنى من الأحاديث كثير جدا مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
( لا تجتمع أمتي على الخطأ ). وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ) .وهم إما: الآحاد، أو الجماعة. والمعلوم أن بعض الآحاد على غير الحق. فتعين أنهم الجماعة. وقوله: ( يد الله مع الجماعة من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ). إلى غير ذلك من الأخبار الدآلة على هذا المعنى .وإن اختلفت عباراتها ففيها تواتر معنوي .لأنه قد تواتر القدر المشترك كما في شجاعة علي عليه السلام، وجود حاتم.
أما قوله: ولإ جماعهم ...إلخ. فوجه الإستدلال به ظاهر.وهو أن الصحابة لما أجمعوا على تخطئة من خالف إجماعهم. ومثلهم في الفضل والعلم لا يجمع على تخطئة أحد، إلا عن دليل قاطع يدل على حجية الإجماع .وإن لم نعلمه استلزم ذلك دليلا قاطعا وإن لم نعلمه .إذ تقدم أنه لايجوز الإجماع جزافا والله أعلم.
((فصل))
(( والدليل الرابع )) من الأدلة الشرعية (( القياس )).
وهو في اللغة: التقدير فقط .يقال: قاس الثوب هل يكمل قميصا قياسا. أي: : قدره تقديرا. والمساواة فقط. يقال: هذا الشيء قياس هذا. أي: : مساو له. وقد يقال لهما جميعا. يقال: قست النعل بالنعل. أي: قدرته، فساواه.
صفحہ 56