إذا كان مولى القوم منهم فإنني ... رضيت بهم لازال في ظلهم ظلي (( وإذا اختلفت الأمة على قولين )) لا يتجاوزونهما (( جاز إحداث قول ثالث )) مخالف للقولين الأولين. (( ما لم يرفع ))ذلك القول الثالث (( القولين )) الأولين. مثال ذلك: فسخ النكاح بالعيوب الخمسة: الجنون، والجذام، والبرص _ من جهتهما جميعا - والجب، والعنة _ من جهة الزوج - والقرن، والرتق، والعقل _ من جهة الزوجة .
فقد اختلف فيها على قولين:
فقيل: يفسخ بها كلها .
وقيل: لا يفسخ بشيء منها .
فالتفصيل وهو: أنه يفسخ ببعضها دون بعض، قول ثالث. وهو لم يرفع القولين .إذ وافق في كل مسألة مذهبا .
وكما إذا قال بعض الأمة: بوجوب النية في جميع العبادات.
وقال باقيهم: لا تجب في شيء منها.
فيأتي بعدهم من يقول: بوجوبها في شيء دون شيء. فهذا جائز إذ لم يرفع القولين كما ترى.
وأما إذا رفعهما: فلا يجوز. إذ هو يكون خرقا للإجماع.
مثاله: مسألة الجد مع الأخ.
قيل: يرث المال كله ويسقط الأخ .
وقيل: يقاسم الأخ.
فالقول: بحرمانه قول ثالث رافع للقولين الأولين .إذ قد اتفقنا على أنه لا يحرم، فلا يجوز ذلك.
(( وكذلك )) يجوز (( إحداث دليل ثالث )). أي: إذا استدل أهل العصر الأول على مسألة بدليلين، جاز لمن بعدهم إحداث دليل ثالث. (( و)) كذا يجوز إحداث (( تعليل ثالث )). أي: إذا علل أهل العصر الأول مسألة بعلتين، جاز لمن بعدهم إحداث علة ثالثة. إلا أن تغير تلك العلة المستخرجة من بعد الحكم، فإنه يكون كالقول الثالث. فإذا علل أهل العصر الأول بعلتين تقتضيان حكمين مختلفين باختلاف العلتين، وجاء من بعدهم بعلة ثالثة تقتضي خلاف دينك الحكمين، كان هذا كإحداث القول الثالث في الحكم. وقد مر بيانه .
صفحہ 53