وقيل: لا يجوز الرواية إلا باللفظ الذي نطق به صلى الله عليه وآله وسلم. لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها ). والناقل بالمعنى لم يؤد كما سمع .
قلنا: ليس في هذا ما يدل على منع الرواية بالمعنى.وإنما يدل على أن الرواية باللفظ أولى. وذلك مما نقول به. والدليل على ما اخترناه أمران:
الأول: أن المقصود بالخطاب هو تأدية المعنى، دون اللفظ فيما لم نتعبد بتلاوته كالسنة مثلا، بخلاف القرآن.وإذا كان كذلك جازت الرواية بالمعنى مع الضبط، وهذا لا إشكال فيه .
الثاني: أن الصحابة كانوا ينقلون الواقعة الواحدة بألفاظ مختلفة، والذي نطق به صلى الله عليه وآله وسلم لفظ واحد، والثاني نقل بالمعنى قطعا. وتكرر ذلك وشاع وذاع، ولم ينكره أحد فكان إجماعا على جوازه .
قيل: وأيضا فإن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يكتبون الأحاديث ولا يكررون الدرس، بل يروونها بعد أزمان طويلة على حسب الحادثة، وذلك موجب لنسيان اللفظ قطعا.
قلت: وهذه الحجة تدل على أن أكثر الأحاديث المروية عنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما هي بالمعنى، فتأمل ذلك موفقا إن شاء الله تعالى. (( واختلف في قبول رواية فاسق التأويل )) وهو الباغي على إمام الحق، وهو من يعتقد أنه محق والإمام مبطل، وله منعة، وحاربه أو عزم على محاربته. (( و))كذلك (( كافر )) أي: كافر التأويل، وهم المجبرة والمشبهة .
صفحہ 34