فإذا تقرر ذلك (( فالمختار وجوب التأسي به ))صلى الله عليه وآله وسلم. لقوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر}.ووجه الاستدلال بها أن معناها: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فله في رسول الله أسوة حسنة.فدلت الآية على لزوم التأسي به للإيمان، ويلزمه بحكم عكس النقيض لزوم عدم الإيمان لعدم التأسي. وعدم الإيمان حرام.فهكذا ملزوم الذي هو عدم التأسي. والإيمان واجب، فكذا لازمه الذي هو التأسي. وإلا ارتفع اللزوم.
وقيل: لا يجب التأسي به إلا فيما دل دليل خاص على أن حكمنا حكمه في الفعل والترك. كقوله: ( صلوا كما رأي: تموني أصلي ) فيتأسى به في الصلاة لذلك، لا فيما ليس كذلك لعدم الدليل.
قلنا: قوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله... }الآية. دليل واضح على وجوب التأسي به كما بينا.
(( في جميع أفعاله )) وتروقه. ولكن حيث علمنا الوجه الذي وقعت عليه. (( إلا ما وضح فيه أمر الجبلة ))كالأفعال التي[هي] من ضروريات البشر، كالقيام والقعود، والأكل والشرب.فإنه لا يجب التأسي به فيها. إذ لا خلاف في أن ذلك مباح له ولأمته.
(( أو علم أنه من خصائصه )) فإنه لا يجب التأسي به فيه أيضا. وذلك: (( كالتهجد، والأضحية ))، والضحى، والوتر، والمشارة، وتخيير نسائه فيه. لأن تعريفه لنا بأنه مختص بذلك أسقط عنا وجوب التأسي. ولا خلاف في هذا.
(( و)) حقيقة (( التأسي هو: إيقاع الفعل بصورة فعل الغير ووجهه اتباعا له )) أي: لذلك الغير. (( أو تركه، لذلك )) أي: لأجل اتبع الغير (( كذلك )) أي: بصورة فعل الغير ووجهه، والمراد بالوجه في قوله: ووجهه .كونه فرضا، أو نفلا، أو سنة، أو مباحا، أو نحو ذلك. (( ويعرف الوجه )):
إما: بالتنصيص. نحو أن يقول: هذا الفعل واجب، أو مندوب، أو مباح.
وإما: بالتسوية. نحو: أن يفعل فعلا، ثم يقول: هذا الفعل مثل الفعل الفلان. وذلك الفعل قد علمت جهته.
صفحہ 20