وقيل: إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره. ورد بقوله تعالى حكاية عن الشيطان: {وما كان لي عليكم من سلطان}الآية(إبراهيم: 22) . فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لأحد قوة على طاعة.
وقيل: قال ذلك سهوا. ورد بأنه لو جاز هذا السهو لجاز في سائر المواضع، وحينئذ تزول الثقة عن الشرع.
وقيل: لعله قال ذلك توبيخا للكفار.
قال القاضي: وهذا جائز إذا كان هناك قرينة تدل على المراد. قلت: لا يجوز، لأنه منتظم في سلك التلاوة، فيتوهم السامع أنه تهكم نزل في القرآن لا من النبي _عليه السلام_ وحده، فيحمله على اعتقاد الخطأ، حيث يعتقد القرآنية لما ليس بقرآن.
وقيل: إنه لما وصل إلى قوله: {ومناة الثالثة الأخرى} خشي المشركون أن يأتي بعدها بشيء يذم آلهتهم به كعادته إذا ذكرها، فبادروا إلى ذلك الكلام فخلطوه في تلاوة النبي _عليه السلام_ على عادتهم في قولهم (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}(فصلت:26) أي: أظهروا اللغو برفع أصواتكم تخليطا وتشويشا عليه، ونسب ذلك للشيطان لأنه الحامل لهم عليه، أو المراد بالشيطان: شيطان الإنس.
وقيل: المراد بالغرانيق العلى: الملائكة، وكان الكفار يقولون: الملائكة بنات الله ويعبدونها، فنسق ذكر الكل ليرد عليهم بقوله: {ألكم الذكر وله الأنثى}(النجم:21) فلما سمعه المشركون حملوه على الجميع، وقالوا: قد عظم آلهتنا ورضوا بذلك، فنسخ تينك الكلمتين؛ وهما تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترجى، وأحكم آياته. قلت: ليس هذا بشيء لأنه لو كان كذلك لما جعل من إلقاء الشيطان، لأنه وحي أوحي ثم نسخ.
صفحہ 40