أو يقدر على إجابة سؤالك، أو أرحم بك من ربك فهذا جهل وضلال وكفر. وإن كنت تعلم أن الله –تعالى- أعلم وأقدر وأرحم؛ فلماذا عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره؟ وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك، وأعلى منْزلة عند الله منك فهذا حقٌّ أُرِيدَ به باطلٌ، فإنه إذاكان أقرب منك وأعلى درجة فإن معناه أن يثيبه ويعطيه؛ ليس معناه أنك إذا دعوته كان الله يقضي حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوته أنت، فإنك إن كنت مُسْتَحِقًّا للعقاب؛ ورد الدعاء، فالنبي والصالح لا يعين على ما يكرهه الله، ولا يسعى فيما يُبَغِّضُك إليه، وإن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة والقبول منه.
فإن قلت: هذا إذا دعا الله أجاب دعاءه أعظم مما يجيب إذا دعوته أنا، فهذا هو القسم الثاني، وهو أن يطلب منه الفعل ولا يدعوه، ولكن يطلب أن يدعو له، كما يقال للحي: ادع لي، وكما كان الصحابة يطلبون من النبي ﷺ الدعاء فهذا مشروع في الحي.
وأما الميت من الأنبياء والصالحين وغيرهم فلم يشرع لنا أن نقول: ادع لنا، ولا اسأل لنا ربك، ونحو ذلك، ولم يفعل ذلك أحد من الصحابة والتابعين، ولا أمر به أحد من الأئمة، ولا ورد في ذلك حديث، بل الذي ثبت في الصحيح: أنهم لما أَجْدَبُوا زمن عمر استسقى بالعباس ﵄ فقال: "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا "فيسقون، فلم يجيئوا إلى قبر النبي ﷺ قائلين: يا رسول الله ادع الله، أو استسق لنا، ونحن نشكو إليك ما أصابنا ونحو هذا، ولم يقله أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، بل كانوا إذا جاؤوا عند قبر النبي ﷺ يسلمون عليه، ثم إذا أرادوا الدعاء لم يدعوا الله مستقبلي القبر، بل ينحرفون فيستقبلون القبلة، ويدعون الله وحده لا شريك له كما كانوا يدعونه في سائر البقاع.
لعن متخذي القبور مساجد
وفي الموطأ وغيره أن النبي ﷺ: قال "اللهم لا تجعل قبري وثنا يُعْبَدُ؛
1 / 272