قال عبد الملك: وبيان ذلك في كتاب الله تعالى قوله عز وجل: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك/ التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى}.
قال عبد الملك: فالأنفس كلها تقبض عند الموت، وتبقى الأرواح في الأجساد لا تسمع، ولا تبصر، ولا تألم، ولا تحزن ولا تعرف شيئا، والأنفس قد تألم في منامها، كما ترى، وتجزع، وتلذ، وتفزع.
قال عبد الملك: يقول الله تعالى في كتابه: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} يقول: يتوفى هذه، وهذه يتوفى التي تموت حين موتها، ويتوفى التي لم تمت حين نومها، فمن كان منهم قد انقضى أجله تبع روحه نفسه، ولم ينتبه، فرب رجل مات في نومه، ومن كان منهم لم ينقض أجله رجعت النفس إلى الروح، فهو قوله تعالى: { فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى}.
253- قال عبد الملك: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليضطجع على جنبه الأيمن وليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، واليسرى على فخده اليسرى، فإنها وفاة، وليقل هذه الكلمات: رب باسمك وضعت جنبي، وباسمك اللهم أرفعه/ أنت خلقتني، وأنت تتوفاني تتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضيت عليها الموت، وترسل الأخرى إلى أجل مسمى اللهم إن أسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك)).
قال عبد الملك: ومثل هذا أيضا قوله تعالى: {وهو الذي يتوفاكم بالليل} يعني وفاة الأنفس عند النوم دون الأرواح، ويعلم ما جرحتم بالنهار يعني ما أذنبتم بالنهار، ثم يبعثكم من وفاة نومكم، وقوله تعالى فيه يعني: في النهار ليقضى أجل مسمى يعني: أجل الموت، يقول: يبعثكم من نومكم لتبلغ المدة، وينتهي الأجل، ثم إليه مرجعكم يقول: مرجعكم من بعد الموت، ثم ينبئكم بما كنتم تعملون، يقول: يجزيكم بأعمالكم إن كانت خيرا فخير، وإن كانت شرا فشر.
قال عبد الملك: وكان بعض العلماء يقول: كيف تشكون في البعث بعد الموت، وأنتم تموتون كل ليلة، ثم تبعثون، يعني موت النوم، والبعث منه.
Sayfa 86