باب ما جاء في خلق الجنة، وما أعد الله فيها لأهلها
1- حدثنا عبد الملك بن حبيب، قال: حدثني أسيد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن مسلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله الجنة قال لملائكته: اذهبوا إلى الجنة، فانظروا إليها، وإلى ما أعددت فيها لأهلها، فذهبوا، ونظروا، فقالوا: وعزتك لا يسمع أحد بهذه فيدخلها إلا دخلها، ثم خلق النار، ثم قال لهم: اذهبوا إلى النار، فانظروا إليها، وإلى ما أعددت لأهلها، فذهبوا، ونظروا، فإذا هي تأكل بعضها بعضا، قالوا: وعزتك لا يسمع أحد بهذه فيدخلها، حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، ثم قال: انظروا، فنظروا، فقالوا: وعزتك لا يدخل هذه إلا قليل، ولا ينجو من هذه إلا قليل)).
2- قال: وحدثني غاز بن قيس، عن أبي حريزة يعقوب، عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله الجنة، فصاغها بكلامه، وجعل فيها ما شاء من ثوابه، نادته، فقالت: يا رب لمن خلقتني؟ قال: خلقتك لمن يطيعني، فقالت: وعزتك لا يعصيك عبد من عبادك أجمع رآني، أو سمع بي، فقال: إني حففتك بالمكاره، فقالت: ها هنا صدقني القوم)).
Sayfa 7
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ولما خلق الله النار، فصاغها بكلامه وجعل فيها ما شاء من عذابه قالت: يا رب لمن خلقتني؟ قال: لمن عصاني، قالت: وعزتك لا يعصيك عبد رآني أو سمع بي، قال: إني حففتك بالشهوات، قالت: ها هنا وردني القوم)).
3- قال: وحدثني مطرف عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)).
4- قال: وحدثني أسد بن موسى عن المعلى بن هلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لما خلق الله الجنة بيده، وجعل فيها ما شاء من كرامته، ثم نظر إليها، قالت : قد أفلح المؤمنون)).
5- قال: وحدثني المكفوف عن أيوب بن حوط، عن قتادة أن كعبا قال: لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس الجنة بيده، ثم قال لها: تكلمي فقالت: قد أفلح المؤمنين، ثم قال لها: تزيني، فتزينت، فقال لها: تكلمي، فقالت: طوبى لعبد رضيت عنه.
6- قال: وحدثني علي بن معبد عن خالد بن دينار، عن أبي العالية قال: لما خلق الله الجنة أذن لها في الكلام، فكان أول كلمة تكلمت بها: {قد أفلح المؤمنون} فأنزله الله تعالى قرآنا.
7- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن الحسن البصري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال: ((أرض الجنة رخام من فضة مضاءة نقية، وترابها مسك أبيض، ووحلها عنبر أشهب، وكثبانها كافور أصفر، وحشيشها الورس، والزعفران، وحصباؤها الدر والياقوت المنثور، وبناؤها لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر أشد بياضا من الحواري)).
قال عبد الملك: والملاط: الطين الذي يكون بين اللبنتين يعني طينها مسك أذفر، والأذفر: الشديد الطيب الرائحة التي تكاد رائحته نعم من شدة فيحها، وطيبها.
Sayfa 8
8- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن موسى، عن يعقوب بن إبراهيم، عن وهب بن منبه، عن محمد ابن الحنفية، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
9- قال: وحدثني أسد بن موسى عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حول الجنة سبعة أسوار، وثماني قناطر محيطة بالجنة كلها: أول سور منها فضة، والثاني ذهب، والثالث: ذهب، وفضة، والرابع: لؤلؤ، والخامس: ياقوت، والسادس: زبرجد، والسابع: نور يتلألأ ما بين كل سورين خمسمائة عام، ولها ثمانية أبواب وياقوت، وزبرجد ما بين المصراعين من كل باب مسيرة أربعين عاما)).
10- قال: وحدثني مطرف عن ابن أبي حازم عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن/ المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجنة بيضاء، تتلألأ، وأهلها بيض. لا ينام أهلها، لا شمس فيها، ولا قمر، ولا ليل يظلم، ولا برد فيها ولا حر يؤذيهم)).
11- قال: وحدثني أسد بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن إسحاق الهمداني عن أبيه، عن جده، عن علقمة بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجنة سجسج لا حر فيها، ولا برد)). قال عبد الملك: والسجسج: الفاتر التي ليست حارة ولا باردة.
قال عبد الملك: وبلغني أن أبا العالية الرياحي -وكان من خيار التابعين بالبصرة- خرج يوما بعد صلاة الصبح يمشي في حاجة له قبل طلوع الشمس في الصيف، فقال لمن معه من أصحابه: هكذا أيام الجنة لا حر، ولا برد.
12- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن العلاء بن هلال عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وجنة عرضها السماوات والأرض} قال ابن عباس: سبع سماوات، وسبع أرضين يلفقهن جميعا كما تلفق أشتات بعضها إلى بعض، فهذا عرضها، ولا يصف أحد طولها.
Sayfa 9
13- قال: وحدثني علي بن معبد، عن عبد الله بن عمرو، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن كعب، قال: ما اطلع الله إلى الجنة إلا قال لها/ ازدادي طيبا لأهلك، فهي تزداد طيبا إلى يوم القيامة.
ما جاء في تسمية أبواب الجنة
14- حدثنا عبد الملك قال: حدثني عبد العزيز الأوسي، عن إسماعيل بن عياش، عن أبان، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((للجنة ثمانية أبواب: باب المصلين، وباب الصائمين، وباب الصادقين، وباب المتصدقين، وباب القانتين، وباب الذاكرين، وباب الصابرين، وباب الخاشعين، وباب المتوكلين، فإذا كان في الرجل خصلة واحدة من هذه، واستغلب عليه دعاه خزنة ذلك الباب، وإذا كن فيه جميعا، واستغلب عليه دعاه خزنة جميع تلك الأبواب إلى الجنة)).
15- قال: وحدثني أسد بن موسى يرفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.
16- وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه، قال: يا رسول الله، وما على الرجل أن يدعى من تلك الأبواب كلها؟ فقال: ((لا شيء، والله أرجو أن تكون منهم)).
17- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن عبيد بن مسلم، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للجنة ثمانية أبواب ما بين المصراع إلى المصراع أربعين سنة، وليلتين عليه يوم كطيط الرخام)).
18- /: وحدثني أسد بن موسى، عن الوليد بن مسلم، عن خليد بن دعلج، عن الحسن أنه ذكر أبواب الجنة، فقال: أبواب الجنة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها تتكلم، وتكلم، فتفهم: انفتحي، انغلقي، فتفعل.
Sayfa 10
ما جاء في موضع الجنة اليوم، ويوم القيامة
19- حدثنا عبد الملك قال: حدثني أسد بن موسى، عن سعيد بن الحجاج، عن مجاهد قال: البحر المحيط من وراء السماوات والأرض، مظلم لا تجري فيه جارية وقعره إلى الأرض السابعة، وجهنم من تحته، ومن ورائه، والجنة من وراء ذلك كله محيطة، فلذلك كان الصراط على جهنم.
قال عبد الملك: وبلغني أن الليل، والنهار، والجنة والنار من وراء السماوات، والأرض فيما بين أقطار السماوات، والأرض، وبين العرش مثل تفسير مجاهد في الجنة، والنار.
20- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن مهدي بن ميمون، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام قال: الجنة في السماء، والنار في الأرض.
21- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن رضي الله عنه في قول الله تعالى: {في جنة عالية} قال: في السماء، وفي قوله تعالى: {في مقعد صدق} يعني: الجنة، {عند مليك مقتدر}، قال: عند الله في السماء.
Sayfa 11
22- قال عبد الملك/، وليس يعني الحسن في تفسير هذا، ولا عبد الله بن سلام في قولهما: ((الجنة في السماء هذه السماء القادة علينا اليوم، لأن هذه السماء، والسماوات التي فوقها تزول يوم القيامة، وتطوى كما يطوى السجل للكتاب، فتكون في قبضة الله، كما قال الله تعالى: {يوم نطوي السماء}، {والسماوات مطويات بيمينه}، و((هي سبع سماوات بعضها فوق بعض)) بين الأرض، والسماء خمسمائة عام، وبين السماء، والتي تليها مسيرة خمسمائة عام، ثم هكذا ما بين كل سماء إلى سماء، مسيرة خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وما بين السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام، وما بين الكرسي، والعرش خمسمائة، فالسماوات، والأرض، والخلق كلها في جوف الكرسي، والكرسي في جوف العرش، والعرش محيط بذلك كله قد خرج عن الكرسي، والسماوات يمينا، وشمالا على الهوى حيث لا أرض، ولا سماء، لا يصف أحد قدره.
23- وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: ((يا أبا ذر ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في ترس، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، ففضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، وما السماوات السبع في الهوى حيث لا أرض، ولا سماء إلا كفسطاط ضربتموه في صحرائكم هذه/ يرى ذلك الفسطاط كل من في الصحراء)).
قال عبد الملك: والجنة فوق السماء السابعة فيما بينها وبين العرش، ألا ترى أن سدرة المنتهى فوق السماء السابعة، وقد قال الله في كتابه في إسرائه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : {ولقد رءاه نزلة أخرى. عند سدرة المنتهى} الآية.
24- ولقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله، وما رأيت السدرة يغشاها ليلة أسري بك؟ قال: ((رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت ورقها كآذان الفيلة، ورأيت تمرها كقلال هجر))، فلقد أعلمنا الله عز وجل، أن الجنة المأوى هنالك فوق السماء السابعة، وتحت العرش، وإنما سميت جنة المأوى، لأن أرواح المؤمنين تأوي إليها.
قال عبد الملك، ثم الجنة بجميع ما فيها من جناتها ذاهبة في الهوى الذي تحت العرش من وراء السماوات، وخارجا عنها يمينا، وشمالا، والعرش سماء الجنة كلها، وهو من ياقوتة حمراء ليس بين الجنة، والعرش سماء غير العرش ألا ترى في قول الله تعالى: {في مقعد صدق} يعني الجنة {عند مليك مقتدر} يعني عند الله، والله فوق عرشه، وهو تفسير قوله: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} يعني الجنة، ويعني بالسماء الاستعلاء الذي فوق السماء السابعة فيما بينهما، وبين العرش، ثم هي ذاهبة/ في الهوى محيطة بالسماوات حيث لا أرض، ولا سماء إلا العرش.
Sayfa 12
قال عبد الملك: فإذا كان يوم القيامة، وبدلت السماوات والأرض كما قال الله، جذب الله الجنة جذبة فتجذب بما فيها من الجنات حتى تملأ الهوى الذي كانت فيه السماوات قبل أن تبدل، ثم لا يكون بينها وبين العرش سماء إلا العرش الذي هو اليوم، ويومئذ سماء الجنة فهو قوله تعالى: { وأزلفت الجنة للمتقين} يعني قربت إلى موضع السماوات اليوم، ويصير عرضها يومئذ عرض السماوات والأرض قبل أن يبدلا كما قال عز وجل في كتابه: {وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} وأما الأرض فتبدل بأرض من فضة، ثم درجاتها عالية إلى العرش، والعرش سماؤها كلها.
قال عبد الملك: وأما تفسير قوله تعالى: {خالدين فيها} يعني في الجنة ما دامت السماوات والأرض، يعني أرض الجنة، وسماء الجنة بعد أن بدلتا بالعرش، وبأرض الفضة، وإنما سماء العرش سماوات لاتساعه وامتداده، وعظمته، وأنه لا يصف أحد قدره، هكذا سمعت أهل العلم يقولون في هذا كله.
ما جاء في صفة قصور الجنة، ومساكنها
25- قال عبد الملك: حدثني أسد بن موسى وغيره، عن ابن لهيعة/ عن بكرة بن سوادة، عن هاني بن معاوية، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن في الجنة قصرا لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو إمام عدل))، ثم قال عمر: ما شاء الله أما النبوة، فقد ختمها الله، وأما الشهادة فأنى لي بها، وأما إمام عدل، فإن شاء الله، ثم رفع يديه، وقال: اللهم ارزق عمر ذلك.
26- قال عبد الملك: حدثني أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن في الجنة نهرا حوله البروج والمروج، فيه سبعون ألف قصر، في كل قصر سبعون ألف بيت لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو حكم عدل.
Sayfa 13
27- قال: وحدثني أسد بن موسى، وغيره عن ابن لهيعة، وإسماعيل بن عياش، عن معبد بن خالد، عن كعب الحبر أنه قال: إن في الجنة قصرا فيه سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت، ليس فيها قصم، ولا وصم، ولا وصل قائمة على قضيب الياقوت يدخله النبي، والصديق، والشهيد، والإمام العدل، والمحكم في نفسه.
قال عبد الملك: وتفسير المحكم في نفسه الأسير الذي يخير بين الكفر والقتل، فيختار القتل.
28- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن أبي المهرم، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال: ((دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة واحدة، فيها أربعون قصرا، وفي وسطها شجرة تنبت بالحلل منطقة باللؤلؤ، والمرجان)).
29- قال: وحدثني أسد بن موسى، وغيره عن إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم، عن شفي بن ماتع قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها من الرقة والحسن أعدها لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وألان الكلام، وأدام الصيام، وصلى بالليل، والناس نيام)).
30- قال: وحدثني ابن عبد الحكم، عن الليث بن عبد الله بن جعفر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قصور الجنة ظاهرها ذهب أحمر، وباطنها زبرجد أخضر، وأبرجها ياقوت، وشرفها لؤلؤ)).
Sayfa 14
31- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل مؤمن في الجنة تسعة قصور من قصور الجنة، قصر من فضة شرفه ذهب، وقصر من ذهب شرفه فضة، وقصر من لؤلؤ شرفه ياقوت، وقصر من ياقوت شرفه لؤلؤ، وقصر من زبرجد شرفه ياقوت، وقصر من ياقوت شرفه زبرجد، وقصر من نور يكاد يذهب بالأبصار، وقصر لا تدركه الأبصار، وقصر على لون العرش/، وكل قصر مائة فرسخ في مائة فرسخ، ولكل قصر منها ألف مصراع)).
32- قال: وحدثنا أسد بن موسى، عن أخيه، عن الضحاك عن مزاحم قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة تلقى كل رجل منهم ملك، فيأخذ بيده حتى يأتي به إلى قصر من فضة شرف بالذهب حوله الأشجار والأنهار، بين كل شرافتين غلام يناديه: مرحبا بسيدنا ، ومولانا، فيدخله إلى القصر، فينظر ما أعد الله له، ثم يأخذ بيده حتى يأتي به إلى قصر من لؤلؤ مشرف بالياقوت حوله الأشجار والأنهار، بين كل شرافتين غلام يناديه: مرحبا بسيدنا، ومولانا، فيأخذه، فيدخله القصر، فيريه ما أعد الله له، ثم يأخذ بيده، حتى ينتهي به إلى قصر من زبرجد مشرف بالياقوت حوله الأشجار والأنهار، بين كل شرافتين غلام له يناديه: مرحبا بسيدنا، ومولانا، فيدخله القصر، فيرى ما أعد الله له هكذا قصرا، فقصرا حتى ينتهي به إلى جميع قصوره، ثم يقول له الملك: يا ولي الله، كل هذه القصور التي رأيت، ودخلت من قصر الفضة إلى هذا القصر كلها لك، وما بينها لك.
33- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن محمد بن أبي عبيد، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة عمدا من/ ياقوت عليها غرف من زبرجد لها أبواب مفتحة تضيء كما يضيء الكوكب الدري. قلنا: يا رسول الله من يسكنها؟ قال: المتحابون في الله، والمتآلفون في الله، والمتحدثون في الله)).
34- قال: وحدثني طلق المعافري، عن صمصام بن إسماعيل عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
35- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال: أعطاه ألف قصر في الجنة من لؤلؤ ترابها المسك لكل قصر منها ما ينبغي له.
Sayfa 15
36- قال: وحدثني المغيرة، عن ابن لهيعة عن سريج، عن زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ {قل هو الله أحد} عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة، ومن قرأها عشرين مرة بنى الله له قصرين في الجنة، ومن قرأها ثلاثين مرة بنى الله له ثلاثة قصور في الجنة، فقال عمر: يا رسول الله لتكثرن في قصورنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أوسع من ذلك)).
ما جاء في صفة خيام الجنة، وقبابها
37- حدثنا عبد الملك قال: حدثني أسد بن موسى، وغيره عن ابن لهيعة عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم /، قال: ((إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينصب له قبة من لؤلؤ، وياقوت، وزبرجد كما بين الجابية وضيعها)).
38- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن روح، عن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله سمعت الله تعالى يقول: {حور مقصورات في الخيام} فما تلك الخيام؟ فقال عليه السلام : ((والذي نفسي بيده إن الخيمة من خيام الجنة لمن لؤلؤة واحدة مجوفة أربع فراسخ في أربع فراسخ مكللة بالياقوت، والزبرجد لها سبعون بابا يعني من الذهب.
39- قال: وحدثنيه أسد بن موسى، عن الفضيل بن عياض، عن هشام بن حسام، عن ابن عباس في قوله تعالى: {حور مقصورات}: محبوسات.
Sayfa 16
40- قال عبد الملك: وحدثني بعضهم أن في كل خيمة من خيام الجنة التي هي من لؤلؤة مجوفة طولها أربع فراسخ في أربع فراسخ، وفي الارتفاع مثل ذلك سرد عليها من الدر، والياقوت، وعلى كل سرير فرش منضودة ملونة بعضها فوق بعض، وأمام كل سرير طنفسة قد طبقت الخيمة منسوجة بالدر والياقوت والزبرجد في قضبان الذهب، والفضة، وعلى كل سرير زوجة من الحور العين يطفئ نورها نور الشمس مع كل زوجة سبعون جارية، وسبعون غلاما كما قال الله: {ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون}، وبين يدي/ كل سرير كرسي من جوهر يرتقي عليه ولي الله حتى يجلس على سريره، فينظر إلى أساس خيمته طريقة بيضاء، وطريقة حمراء، وطريقة خضراء يكاد نورها يغشى نور بصره، ثم يعانق زوجته، ويلتذ بها مقدار سبعين سنة لا تنقطع شهوته، ونهمته، ثم ينتقل عنها إلى غيرها هكذا ما اشتهت نفسه، ولذت عينه أبدا دائما.
ما جاء في صفة درجات الجنة
41- قال عبد الملك في قول الله تعالى: {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا}، وفي قوله تعالى: {أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} ثم قال: الدرجات هي المنازل، والفضيلات، وإنما معنى الدرجة في الجنة الفضيلة، والمنزلة التي يفضل الله بها بعضهم على بعض على قدر أعمالهم في الدنيا بطاعته، ألا ترى قوله تعالى: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض} يعني في الرزق في الدنيا، وللآخرة أكبر درجات يعني فضيلات، ومنازل، ثم بين ذلك، فقال: {وأكبر تفضيلا} والدرجات في الجنة، والمنازل التي فضل بها بعضهم على بعض مائة درجة، فأهل كل درجة، ومنزلة، وفضيلة هم رفقاء ليس أنهم رفعاء في المطعم، والمشرب، والمسكن، ولكن لما جمعتهم فضيلة واحدة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {ومن يطع الله/ والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} وهم الرفقاء لاجتماعهم في تلك الدرجة، وتلك الفضيلة، وتلك المنزلة.
Sayfa 17
قال عبد الملك: وما بين الدرجة إلى الدرجة الأولى أعني ما بين الفضيلتين كما بين السماء والأرض.
42- حدثني بذلك أسد بن موسى، وغيره عن إسماعيل بن عباس، عن صفوان بن عمرو، عن سريج بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض)).
43- قال: وحدثني أسد بن موسى، وعبد الله بن عبد الحكم، وغيرهما عن ابن لهيعة، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الجنة مائة درجة، لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم)).
قال عبد الملك: وقد سمى الله بعض تلك الدرجات، فمنها الدرجات، ومنها الوسيلة، ومنها عليون. وعليون: قائمة العرش اليمنى.
44- وحدثني أسد بن موسى، عن محمد بن حازم، عن عمرو بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ركب الرجل من أهل عليين أشرف ما تحته من الجنة كلها حتى يقول من تحته من الجنة: لقد ركب اليوم رجل من أهل عليين)).
45- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن الفضيل بن عياض،/ عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أهل الجنة ليرون أهل الدرجات العلى كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء)).
46- قال: وحدثني ابن عبد الحكم، عن الليث بن سعد، عن عمرو مولى المطلب، عن المطلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أهل الجنة ليتراؤون في الجنة كما يرى الكوكب الشرقي من الكوكب الغربي، وذلك لتفاضل الدرجات)).
Sayfa 18
47- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل الباجي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض، وإن الرجل من أهل الجنة ليرفع بصره، فيلمع له نور يكاد يخطف نور بصره، فيقول: ما هذا ما ظننت أن البرق في الجنة، فيقال له: هذا نور أخيك فلان فيقول: أخي فلان كنا نعمل في الدنيا جميعا، وقد فضل علي هكذا، فيقال: إنه كان أحسن منك عملا، قال: ثم يجعل الله في قلبه الرضى حتى يرضى)).
48- قال: وحدثني النقي، عن أسماء، عن ابن زيد، عن محمد بن كعب القرظي قال: يرون أهل الجنة في الجنة كهيئة البرق، فيقولوا: أيكون في الجنة برق، فيقال لهم: هذا رجل من أهل عليين قد خرج من غرفة إلى غرفة.
49- قال: وحدثني ابن عبد الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم / قال: ((الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، في كل درجة منها سيد منهم يرون له الفضيلة عليهم، والسؤدد فيهم)).
50- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن عمران بن يزيد، عن أم الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ((عدد درج الجنة على عدد سور القرآن، فمن قرأ من القرآن شيئا، قيل له: اقرأ، وارق، يعني: ارتفع في الفضيلة حتى ينتهي ما معه من القرآن، فمن قرأ القرآن كله، وعمل به كان من الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا)).
51- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن يعقوب بن إبراهيم عن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت الجنة فإذا فيها درجة لم أر في الجنة أحسن منها، فسألت جبريل عنها، فقال لي: هذه الوسيلة، ولم يعطها أحد، ونحن نرجو أن تعطاها فمر أمتك يسألوا الله لك الوسيلة)).
52- قال: وحدثني إسحاق بن صالح، عن ابن لهيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الوسيلة أرفع درجة في الجنة فسلوا الله أن يؤتيها على الخلق كلهم يوم القيامة)).
Sayfa 19
53- قال: وحدثنا إسحاق بن صالح، عن ابن لهيعة، عن موسى بن وردان أن رسول الله/ صلى الله عليه وسلم قال: ((من سأل لي الوسيلة، فأكثر حلت له شفاعتي يوم القيامة)).
ما جاء في تسمية الجنات، وصفاتها
حدثنا عبد الملك قال: خلق الله الجنة يوم خلقها، وخلق فيها سبع سماوات، وفضل بعضها على بعض، وهي دار السلام، ودار الجلال، وجنة عدن، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم، فهذه سبع جنات في داخل الجنة، واسم الجنة جمعهن، وقد سماها الله عز وجل في كتابه بالجنة، فقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض} يعني الجنة كلها بما فيها، وقال في موضع آخر: {جنات تجري من تحتها الأنهار} فجمعها.
54- وقد حدثني مطرف عن مالك أن فتى من الأنصار يقال له: حارثة استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فبلغ أم الفتى بالمدينة مصابه قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فاجتمع إليها النساء ليبكينه معها، فقالت لهن: لن أبكي حتى يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسأله أفي الجنة هو أم في النار؟ فإن كان في الجنة لم أبكه، وإن كان في النار، فسترين بكائي عليه، فلما سمعت بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم خرجت إليه، فلقيته، فقالت: يا رسول الله أقتل حارثة؟ قال: نعم. قالت: فأين هو/ يا رسول الله أفي الجنة أم في النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا أم حارثة إنها جنان كثيرة، وإن حارثة في أعلاها))، فقالت: لن أبكيه أبدا)).
قال عبد الملك: فدار الجلال، ودار السلام منسوبتان إلى الله عز وجل، وأما جنة عدن، فإنها أوسط الجنة وهي قصبة الجنة، وهي مشرفة على الجنات، وقد ذكر ابن عباس، وسعيد بن المسيب أنها دار الرحمن التي فيها عرشه، وأن الجنات حولها، فأفضلها، وأشرفها أقربها إليها.
55- حدثني بذلك أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب أنه قال: جنة عدن التي بها الرب تبارك وتعالى، وموضع عرشه تبارك الله رب العالمين.
قال عبد الملك: وأما جنة المأوى، فهي التي تأوي إليها أرواح المؤمنين إذا قبضت، وأما جنة الخلد، وجنة النعيم، والنعيم، والخلود خصهما الله بهذين الاسمين، وكل الجنات خلود ونعيم، وأما جنة الفردوس فالفردوس الكروم، والأعناب، وهي في جبل عال في الجنة من شجر أنهار الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((سلوا الله الفردوس، فإنها سرة الجنة، وأعلى الجنة منه تتفجر أنهار الجنة، وإن أهل الفردوس ليسمعون أطيط العرش)).
56- وحدثني ابن موسى، عن الفرج/ بن فضالة، عن لقمان بن عامر قال: سئل أبو أمامة عن الفردوس؟ فقال: هي سرة الجنة.
Sayfa 20
57- وحدثني علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمر، عن يحيى بن أبي أنيسة، عن ابن عباس أنه سأل كعبا عن الفردوس، فقال: هي الكروم بالسريانية.
58- وحدثني أسد بن موسى، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم قال: الفردوس: الكروم، والأعناب.
59- وحدثني أسد بن موسى، عن إبراهيم بن محمد، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: الفردوس جبل في الجنة تنفجر منه أنهار الجنة.
قال عبد الملك: والفردوس الكروم، والأعناب في جبل عال منه تتفجر أنهار الجنة، وهو سدة الجنة، وأعلى الجنة، كما قال: جاءت هذه الآثار.
Sayfa 21
60- قال: وحدثني ابن عبد الحكم، عن مسلمة بن علي، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينظر الجبار عز وجل إلى الفردوس في سحر كل ليلة ، فيقول: ازدادي طيبا إلى طيبك قد أفلح المؤمنون)).
61- قال: وحدثني ابن عبد الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((جنة عدن أعظم من الجنة بتسعمائة ألف جزء، ودار السلام أعظم من عدن بتسعمائة ألف جزء)).
ما جاء في صفة أنهار الجنة، وأشربتها
62-/ قال عبد الملك: حدثني أسد بن موسى، عن ثوبان بن عطاء، عن قرة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنهار الجنة تجري في غير أخدود، وتخرج من جبال المسك)).
63- قال: وحدثني معاذ بن عبد الحكم، عن مقاتل، عن يزيد الرقاشي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنهار الجنة تجري في غير أخدود أشد بياضا من الثلج، وأحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، وعيونها كذلك تجري على رضراض الدر، والياقوت، وطين الأنهار من مسك أذفر تجري للرجل منهم عيونه، وأنهاره حيث يشتهي يشير بإصبعه في قصور من الدر، لو حل بأحدهم أهل الدنيا من الجن والإنس لأوسعهم طعاما، وشرابا وحللا لا ينقصه ذلك شيئا)).
64- قال: وحدثني إسحاق بن صالح، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن كعب أنه قال: النيل من أنهار العسل في الجنة، والفرات من أنهار الخمر في الجنة، وسيحان من أنهار الماء في الجنة، وجيحان من أنهار اللبن في الجنة، وذكر أن محله معهم.
Sayfa 22
65- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الكوثر نهر في الجنة حافاته من ذهب، وهو يجري على الدر، والياقوت/ وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل)).
66- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: سألت عائشة رضي الله عنها، عن قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر} فقالت: نهرا في الجنة حافاته فتات الدر، والياقوت المسحوق، عليه من الآنية عدد النجوم.
67- قالت: وحدثني المكفوف، عن العلاء، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حوضي ما بين صنعاء إلى الأردن ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حافاته فتات الدر، والياقوت، وحصباؤه اللؤلؤ، وترابه المسك الأذفر، فيه أقداح كعدد النجوم، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا)).
Sayfa 23
68- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن يزيد بن عطاء، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} {يسقون من رحيق مختوم. ختامه مسك} قال: الرحيق: الخمر في الجنة من أشرف خمر الجنة، وقوله: مختوم يعني مختوم على آنيته بخاتم من مسك كما يختم أهل الدنيا على آنية شرابهم بطين، كان ابن عباس يقرؤها خاتمة على سان الخاتم، وإنما معناه الختم عليه، كما يختم على الشراب.
قال عبد الملك: وهو أحسن ما سمعت فيه، وقد سمعت قولا كثيرا.
69- وقد حدثني أسد/ بن موسى في تفسير {ختامه مسك} عن ابن مسعود أنه كان يقول: خلطه مسك، وأن قتادة كان يقول: عاقبته مسك أي آخره.
قال عبد الملك: وكل ما قال هؤلاء هو فيه بلا شك خلطه مسك، وطعمه مسك ورائحته مسك، وأوله مسك، وآخره مسك في طيبه وطيب رائحته، غير أنه ليس تفسير الكلمة بعينها إلا الختام ختام الشيء، ألا ترى أنه عز وجل قال في كتابه: {مختوم} فكيف ينصرف معنى الخلط، والطعم، والريح، وآخره إلى مختوم هذا لا يمكن في تصرف الكلمة إنما تفسيره على ما قال ابن عباس.
قال عبد الملك: وأما قوله: {ومزاجه من تسنيم} قال: تسنيم عين من ماء، أشرف عيون ماء في الجنة، يمزج فيها لأصحاب اليمين، وهم جماعة أهل الجنة، ويشرب منها المقربون يعني صرفا غير ممزوج، كذلك قاله ابن عباس، وابن مسعود في تفسيرهما، وقاله الحسن، وقتادة، وغيرهما.
قال عبد الملك: وأما قوله تعالى: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا. عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا} فهي الكأس ها هنا الخمر من خمر الجنة ، وقوله تعالى: {كان مزاجها كافورا} فالكافور ها هنا اسم عين من عيون الماء في الجنة سماها الله تعالى كافورا ثم بينها، فقال: {عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا}/ وكان قتادة يقول في تفسير تفجيرها: إن أحدهم يومئ إليها بإصبعه حيث يريد أن يسلك فتتبعه.
Sayfa 24
قال عبد الملك: وأما قوله تعالى: {وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون} فالكأس أيضا ها هنا الخمر مثل التي فوقها، وقوله: {من معين} يقول: ليست من عصارة العنب، ولا مما يعصر بالأيدي والأرجل كما تكون خمر الدنيا، ولكنها من معين مما يتفجر من جبل الفردوس كما تتفجر ماء العيون والأنهار، وكذلك قال في الآية الأخرى: {وأنهار من لبن لم يتغير} وقوله: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون} فمعناه لا يصيبهم منها صداع، ولا سكر كما يصنع خمر الدنيا، والنزيف السكران، ومثله قوله في الآية الأخرى: {يطاف عليهم بكأس من معين. بيضاء لذة للشاربين} وكذلك خمر الجنة أشد بياضا من اللبن، وأما قوله: {لا فيها غول} أي لا يصيبهم منها وجع يعني بالغول وجع البطن: {ولا هم عنها ينزفون} يقول: لا يسكرون منها.
قال عبد الملك: وأما قوله تعالى: {وكأسا دهاقا} فهي الكأس بعينها التي يشرب بها، والدهاق الممتلئة المترعة. كذلك قال ابن عباس، وقتادة، وغيرهما.
قال عبد الملك في قول الله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون} قال: صفة الجنة التي وعد المتقون فيها: {أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير/ طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى} فأما قوله: {من ماء غير ءاسن} يعني غير كدر، ولا متغير وأنهار من لبن لم يتغير، لم يخرج من ضروع المواشي، وأنهار من خمر لم يعصرها الرجال بأقدامهم، وأنهار من عسل لم يخرج من بطون النحل.
70- قال عبد الملك: وحدثني ابن عبد الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في كل قصر من قصور الجنة أربعة أنهار: نهر من ماء معين، ونهر من خمر معين، ونهر من لبن معين، ونهر من عسل معين، ولا يشرب منها حتى يمزج بالعيون التي سماها الله تعالى التسنيم، والزنجبيل والسلسبيل، والكافور، وهي التي يشرب بها المقربون منها صرفا)).
Sayfa 25
71- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ولولا أن الله تعالى قضى على أهل الجنة أنهم يتنازعون الكأس بينهم ما رفعوه عن أفواههم لذاذة)).
72- قال: وحدثني ابن عبد الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تعالى: {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} قال: ((إن آخر شراب يشربه أهل الجنة على إثر طعامهم وشرابهم ماء يقال له الطهور إذا شربوا منه هضم طعامهم وشرابهم حتى يشتهوا الطعام والشراب، فهذا دأبهم أبدا)).
73- قال: وحدثني علي بن معبد، عن الحسن بن دينار، عن زاذان، عن علي رضي الله عنه قال: لما سري برسول/ الله صلى الله عليه وسلم ، أصبح يحدث عن الكوثر، فقال رجل من المنافقين لرجل من المؤمنين: سله سله، فإنا لم نر نهرا إلا له نبت فما نباته؟ فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((جندل اللؤلؤ، والياقوت، والزبرجد)) فقال له المنافق: سله سله، فإنا لم نر نهرا إلا له حماة فما حماته؟ فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حماه المسك الأذفر)).
74- قال: وحدثني علي بن معبد، عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأعمش، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ليس من يوم إلا وهو ينزل في الفرات مثاقيل من بركة الجنة.
ما جاء في آنية أهل الجنة
Sayfa 26