149

Wahid Fi Suluk

Genres

============================================================

159 الوحيد في سلوك أهل التوحيد وذكر الشيخ في حكاية أنقيس الحكيم فقال: كان أنقيس الحكيم قد بال يوما في موضع والشمس على ذلك الموضع، فقام فعمي بصره، فعالج نفسه بما يعلم من العلاج فلم يبرأ، فسمع بحكيم في بلاد الهند فسافر إليه ودخل عليه، وقال: جيثك من بلاد بعيدة وأنكر نفسه- قال: فنظر إليه وقال: أنت بلت في الأرض وعليها الشمس، وكان هناك حية ميتة فصعدث الأبخرة في عينيك وأعمت بصرك، ثم قال لغلام: هات الأشياف الفلاني فأكحله فأبصر في ساعته قال: فسأله أنقيس عن تلك الأشياف فلم يخبره وقال: لعلك حكيم، فأنكر ذلك، وتوجه أنقيس إلى بلاده وقتل حية ورماها في أرض مشمسة، ثم بال عليها بعد أيام فعمي، ثم صبغ لونه حتى يخفى عليه وسافر إلى الحكيم ثانيا، وأخذ معه الغلام ووصاه أن الحكيم إذا اكحله بالموود أن يلقي المرود على لسانه.

قال: فلما دخل عليه، وسأله أن ينظر في أمره، فقال: لعلك الذي جاءنا في العام، أو في تلك السنة، فإن الذي كان به هو الذي بى، فصعد البخار إلى عينيه فأعماه، ولعلك هو فأنكر ذلك، وربما حلف فقال: لعلك حكيم، فأنكر ذلك فقال لغلامه هات الأشياف الفلايي، فأحضره، فلما أراد أن يكحله ضرب غلام أنقيس المرود فألقاه على لسان أنقيس فلحسه فقال له: ألم أقل لك أنك حكيم؟ قال: بلى، قال: فما الذي عرفت من هذا الأشياف؟ قال: عرفت منه تسعة وتسعين عقارا -أو قال حاجة- وترددت في حاجة واحدة، قال: هي مرارة ابن آدم، فمن تكون أنت؟

قال: أنقيس: قال فنزل الحكيم على مرتبته وجلس بين يدي أنقيس، وقال: أنا مريد مريدك، ثم توجه أنقيس الحكيم إلى بلاده، وعمل الأشياف، وأكحل نفسه فأبصر، فانظر يا أخي، وفقك الله تعالى، إلى هذا الطب، وهذا القصد في طلبه في معرفة شيء من الأشياء المخلوقة، وقد رضي لنفسه بالعمى، مع بعد المشقة العظيمة والسفر الطويل البعيد، وذهاب الأموال في طول السفر، وتغيير اللون حتى يعلم دواءه، ويحصل له العلم به، فكيف بك في معرفة خالق الموجودات التي فيها سعادتك الأبدية، وسعادة كل شيء؟ وفي جهلها شقاوتك وشقاوة كل شيء:

Page 149