Usul
أصول السرخسي
Investigator
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
مَا صرف الْإِمْسَاك إِلَى مَا هُوَ دين فِي ذمَّته فَإِن ذَلِك أهم عِنْده وَإِذا كَانَ هُوَ بِالْفطرِ مترخصا لِأَن فِيهِ رفقا بِبدنِهِ فَلِأَن يكون فِي صرفه إِلَى وَاجِب آخر مترخصا لِأَنَّهُ نظر مِنْهُ لدينِهِ كَانَ أولى وعَلى الطَّرِيق الأول إِذا نوى النَّفْل كَانَ صَائِما عَن النَّفْل وعَلى الطَّرِيق الثَّانِي يكون صَائِما عَن الْفَرْض لِأَنَّهُ فِي نِيَّة النَّفْل لَا يكون مترخصا بِالصرْفِ إِلَى مَا هُوَ الأهم وَفِيه رِوَايَتَانِ عَن أبي حنيفَة ﵀
فَأَما الْمَرِيض إِذا صَامَ كَانَ صَوْمه عَن صَوْم رَمَضَان وَإِن نوى عَن وَاجِب آخر أَو نوى النَّفْل لِأَن الرُّخْصَة فِي حق الْمَرِيض إِنَّمَا تثبت إِذا تحقق عَجزه عَن أَدَاء الصَّوْم وَإِذا صَامَ فقد انْعَدم دَلِيل سَبَب الرُّخْصَة فِي حَقه فَكَانَ هُوَ كَالصَّحِيحِ وَأما الرُّخْصَة فِي حق الْمُسَافِر بِاعْتِبَار سَبَب ظَاهر قَامَ مقَام الْعذر الْبَاطِن وَهُوَ السّفر وَذَلِكَ لَا يَنْعَدِم بِفعل الصَّوْم فَيبقى لَهُ حق التَّرَخُّص وَهُوَ فِي نِيَّته وَاجِبا آخر مترخص كَمَا بَيناهُ
وَقَالَ زفر ﵀ وَلما تعين صَوْم الْفَرْض مَشْرُوعا فِي هَذَا الزَّمَان وركن الصَّوْم هُوَ الْإِمْسَاك فَالَّذِي يتَصَوَّر فِيهِ من الْإِمْسَاك مُسْتَحقّ الصّرْف إِلَيْهِ فَلَا يتَوَقَّف الصِّحَّة على عَزِيمَة مِنْهُ بل على أَي وَجه أَتَى بِهِ يكون من الْمُسْتَحق كمن اسْتَأْجر خياط ٨ اليخيط لَهُ ثوبا بِعَيْنِه بِيَدِهِ فَسَوَاء خاطه على قَصده الْإِعَانَة أَو غَيره يكون من الْوَجْه الْمُسْتَحق وَمن عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي نِصَاب بِعَيْنِه إِذا وهبه للْفَقِير يكون مُؤديا لِلزَّكَاةِ وَإِن لم ينْو لهَذَا الْمَعْنى
وَلَكنَّا نقُول مَعَ تعين الصَّوْم مَشْرُوعا مَنَافِعه الَّتِي تُوجد فِي الْوَقْت بَاقِيَة حَقًا لَهُ وَهُوَ مَأْمُور بِأَن يُؤَدِّي بِمَا هُوَ حَقه مَا هُوَ مُسْتَحقّ عَلَيْهِ من الْعِبَادَة وَذَلِكَ بأَدَاء يكون مِنْهُ على اخْتِيَار فَلَا يتَحَقَّق ذَلِك بِدُونِ الْعَزِيمَة لِأَنَّهُ مَا لم يعزم على الصَّوْم لَا يكون صارفا مَاله إِلَى مَا هُوَ مُسْتَحقّ عَلَيْهِ فَإِن عدم الْعَزْم لَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا لَا يتَحَقَّق مِنْهُ صرف مَنَافِعه إِلَى أَدَاء صَوْم آخر لِأَنَّهُ غير مَشْرُوع فِي هَذَا الْوَقْت كَمَا لَا يتَحَقَّق مِنْهُ أَدَاء صَوْم بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ غير مَشْرُوع فِيهِ بِخِلَاف الْأَجِير فَفِي أجِير الْوَاحِد الْمُسْتَحق مَنَافِعه بِعَيْنِه وَفِي الْأَجِير الْمُشْتَرك الْمُسْتَحق هُوَ الْوَصْف
1 / 37