278

وجد بخط ابن محفوظ أن أمير الركب المصري في سنة 692 استحلف أبا نمي على الذهاب معه الى مصر وأعطاه ألف دينار وأن أبا نمي خرج معه الى ينبع ثم عاد لما بلغه موت الأشرف (1).

واستحلاف أبي نمي على الخروج فيه شيء من رقة الضعيف والذي احسبه أن أمير الركب أراد بذلك أن يصلح بينه وبين مصر ، وأن أبا نمي بعد أن رضي عاد الى النكوص لأن موت الأشرف احيط بفتن قاسية خشي أن يعرض نفسه أثناءها للثائرين ففضل العودة.

على أن علاقة أبي نمي باليمنيين لم تكن خالصة فيما اعتقد كل الإخلاص ، وإنما هي صداقة لا بد له منها لمناوأة الطرف المناقض في مصر والإنتفاع بما تدره اليمن من خيرات وهدايا ، فقد ظل أبو نمي يفرض مكوسه على اليمنيين كما يفعل مع غيرهم ، وكان يأخذ عن كل جمل منهم ثلاثين درهما ، ثم لا يتركهم يسلمون من العسف (2) ويبدو أن الأحوال في مكة استقرت على أثر ذلك ، وبدأت مكة تزدحم بوفود الحجاج ، وكان من جملة حجاج هذه السنوات أمراء من مماليك مصر ، فقد حج أنس بن الملك العادل ابن بيبرس في عام 694 ، وحج في عام 697 الخليفة العباسي الحاكم بأمر الله الذي كان يقيم في مصر على أثر وقائع التتار (3) كما حجت أم المستعصم في إحدى هذه السنوات.

وعمت خيرات هؤلاء جميع السكان في مكة ، واتصلت منحهم بكثير من بيوتها ، وبزتهم جميعا أم المستعصم فقد أنفقت الأموال ما وسعت به على الناس

Page 300