وفي هذا العام جهز المظفر صاحب اليمن محملا تلقاه أبو نمي بالاجلال والتكريم فخفقت أعلام الرسوليين في ذاك اليوم على جبل عرفات وأعلن المؤذن على قبة زمزم مناقب المظفر على رؤوس الأشهاد.
وتسلم أبو نمي هدايا اليمن وفيها كثير من المال والغلة والكساوى والطيب والمسك والعود والصندل والعنبر والثياب الملونة والخلع النفيسة وقدر المال بمبلغ ثمانين الف درهم والغلة بمبلغ 1200 غرارة من كيل مكة في عصر الفاسي كما قدر الجميع بما يوازي ثلاثة أمثال ما ترسله مصر الى صاحب مكة سنويا (1)
ولا نشك في أن ما فعله أبو نمي كان تحديا ظاهرا للمماليك في مصر ومن الصعب أن يجرأ أبو نمي على مثل ذلك دون أن يتعرض لسخطهم ونقمتهم ولكن من يعرف إقدام أبي نمي على المجازفات لا يستغرب منه هذه الجرأة سيما وأنه كان الى جانب اقدامه بشيء من بعد النظر فهو لم يخط خطوته الحاسمة في عهد المنصور قلاوون ولا في عهد بيبرس قبله لأن قوة المماليك في عهد هما كانت غيرها في عهد الأشرف خليل الذي منيت أيامه بكثير من الفتن الداخلية التي اودت بحياته فيما بعد ، يضاف الى ذلك أن الأشرف كان مشغولا بحرب التتار أكثر مما كان عليه الامر في عهد أسلافه فلا عجب أن يهتبل الفرصة أبو نمي فيجازف بورقته الأخيرة ويعلن قطع العلاقات ولا عجب اذا رأينا مصر تقابل ذلك بالصمت.
ودليلنا على هذا الصمت أن المؤرخين لم يذكروا من حوادث مكة ما يدل على الفتن في هذا العام وما بعده الى عدة اعوام الا ما اورده الفاسي ، فقد ذكر انه
Page 299