218

وقد سئل الإمام عن سبب قبوله الصلح في تلك الفترة، رغم أن محمد باشا طلب الصلح في بداية ولايته فرفضه، فقال الإمام (ع): «الأولى إني رأيت أن أختم عمري بالجهاد، وتنغيص دنيا الظالمين، ولما رأيت الأمر قد تفاقم وظننت قرب أجلي خفت أن يحدث بي الموت وأمور الإسلام على ماترى، فلايتمكن أهله من النظر، ويحصل في الإسلام مايحصل، فرأيت المسارعة حتى ينتزح الترك عنا، وفرج الله قريب» (1).

وبعد عقد الصلح بسنة، وبالتحديد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة (1029 ه) انتقل الإمام سلام الله عليه إلى رحمة الله في حصنه بشهارة بعد أن قضى حوالي ثلاثا وعشرين سنة في الجهاد والنضال، وقبره هناك مشهور مزور.

من منهجه في الحياة:

اهتم الإمام القاسم بن محمد (ع) بالنواحي الاجتماعية فكان يعطف على الفقراء والمساكين ويتفقد أحوالهم، ويتكفل بنفقاتهم، ونشر العدل بين الناس وينصف المظلوم من ظالمه، ولقد بلغ من عطفه وعدله أن اهتم حتى بالحيوانات فقد قال لأصحابه عندما دخل شهارة في سنة (1015 ه): «ياقوم هاهنا بقية هرر من سناجيب العجم قد بلغت من الجوع، ولاتأكل العنب، فأذنوا بتفريق هذه لها (يعني قطعا من اللحم)» (2).

كما اهتم بإصلاح الطرقات، وبناء المساجد، وإنشاء المدارس العلمية، واهتم كذلك بالولاة فاختارهم من خيرة أصحابه وأمرهم بالقضاء بالعدل، وملاحظة المساكين والفقراء.

Page 219