214

Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Genres

صلى الله عليه وسلم ، أشار إليه بالتنبيه كإلحاق المطعومات في باب الربويات بالأربعة المنصوص عليها؛ لأن حقيقة القياس بيان المراد بالنص، وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - أهل التكليف بالاعتبار والاستنباط والاجتهاد.»

وبعد أن أجمل الشافعي مراتب البيان الخمس أخذ يوضحها ويبين لها الأمثلة والشواهد في أبواب خمسة.

وبعد أن أتم الكلام على البيان الخامس قال: «وهذا الصنف من العلم (يعني الاجتهاد) دليل على ما وصفت قبل هذا، على أن ليس لأحد أبدا أن يقول في شيء حل ولا حرم إلا من جهة العلم، وجهة العلم الخبر في الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس.»

وهذا يفيد أن الشافعي يرى الإجماع من مراتب البيان، وإن لم يذكره مستقلا، قال الشوكاني: «ذكر هذه المراتب الخمس للبيان الشافعي في أول «الرسالة»، وقد اعترض عليه قوم وقالوا: قد أهمل قسمين، وهما: الإجماع، وقول المجتهد إذا انقرض عصره وانتشر من غير نكير، قال الزركشي في «البحر»: إنما أهملهما الشافعي لأن كل واحد منهما إنما يتوصل إليه بأحد الأقسام الخمسة التي ذكرها الشافعي؛ لأن الإجماع لا يصدر إلا عن دليل، فإن كان نصا فهو من الأقسام الأول، وإن كان استنباطا فهو الخامس.»

وما قاله الزركشي في «البحر» متعلقا بالإجماع بين من كلام الشافعي نفسه في «الرسالة» في باب الإجماع.

وذكر الشافعي في الباب الخامس أن القرآن الذي هو الأصل لكل أقسام البيان عربي، وأنه يخاطب العرب بلسانها «على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها، وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر، ويستغنى بأول هذا منه عن آخره، وعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص؛ فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه، وعاما ظاهرا يراد به الخاص، وظاهرا يعرف في سياقه أنه يراد به غير ظاهره، وكل هذا موجود علمه في أول الكلام أو وسطه أو آخره، وتبتدئ الشيء من كلامها يبين أول لفظها فيه عن آخره، وتبتدئ الشيء من كلامها يبين آخر لفظها فيه عن أوله، وتكلم بالشيء تعرفه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ كما تعرف الإشارة، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها لانفراد أهل علمها به دون أهل جهالتها، وتسمي الشيء الواحد بالأسماء الكثيرة، وتسمي بالاسم الواحد المعاني الكثيرة، وكانت هذه الوجوه التي وصفت اجتماعها في معرفة أهل العلم منها به، وإن اختلفت أسباب معرفتها، معرفة واضحة عندها ومستنكرا عند غيرها ممن جهل هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتاب وجاءت السنة.»

وأخذ الشافعي يشرح وجود هذه الوجوه في القرآن في أبواب مرتبة كما يأتي: باب ما نزل من الكتاب عاما يراد به العام ويدخله الخصوص. باب بيان ما نزل من القرآن عام الظاهر، وهو يجمع العام والخصوص. باب ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص. باب الصنف الذي يبين سياقه معناه. باب الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره. باب ما نزل عاما فدلت السنة خاصة على أنه يراد به الخاص.

ولما كان في هذا الباب الأخير ما يدل على أن السنة تخصص الكتاب؛ فقد عرض الشافعي للسنة وحجيتها ومنزلتها من الدين، فوضع لذلك الأبواب الآتية: باب بيان فرض الله - تعالى - في كتابه اتباع سنة نبيه،

صلى الله عليه وسلم . باب فرض الله طاعة رسوله

صلى الله عليه وسلم ، مقرونة بطاعة الله - جل ذكره - ومذكورة وحدها. باب ما أمر الله به من طاعة رسوله

Unknown page