213

Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Genres

وأراد به القرآن.

وعلى هذا فبيان الشيء قد يكون بعبارة وضعت بالاصطلاح، فهي بيان في حق من تقدمت معرفته بوجه المواضعة، وقد يكون بالفعل والإشارة والرمز إذ الكل دليل ومبين، ولكن صار في عرف المتكلمين مخصوصا بالدلالة بالقول؛ فيقال: له بيان حسن؛ أي كلام حسن رشيق الدلالة على المقاصد، واعلم أن ليس من شرط البيان أن يحصل التبيين به لكل أحد، بل يكون بحيث إذا سمع وتؤمل وعرفت المواضعة صح أن يعلم به، ويجوز أن يختلف الناس في تبيين ذلك.»

217

ويوشك أن يكون مذهب القاضي الباقلاني هو أقرب المذاهب إلى رأي الشافعي.

ثم جعل الشافعي ما أبان الله لخلقه في كتابه مما تعبدهم به من وجوه خمسة، وقد سماها المتأخرون مراتب البيان للأحكام؛ أولها: ما أبان الله في كتابه نصا جليا لا يتطرق إليه التأويل فلم يحتج مع التنزيل فيه إلى غيره، وسماه المتأخرون بيان التأكيد. ثانيها: ما أبانه القرآن بنص يحتمل أوجها، فدلت السنة على تعيين المراد به من هذه الأوجه، كما يؤخذ من كلام الشافعي، وقد أسقط الشافعي هذا الثاني في مواضع من «الرسالة» حصل فيها جملة وجوه البيان، كما في الفصل الذي عقده للبيان الرابع.

وذكر الشوكاني وغيره من الأصوليين معنى آخر لهذا البيان. قال الشوكاني: «الثاني النص الذي ينفرد بإدراكه العلماء، كالواو وإلى في آية الوضوء، وأن هذين الحرفين مقتضيان لمعان معلومة عند أهل اللسان.»

وحمل كلام الشافعي على هذا بعيد.

ثالثها: ما أتى الكتاب على غاية البيان في فرضه، وبين رسول الله كيف فرضه وعلى من فرضه، ومتى يزول فرضه ويثبت.

رابعا: ما بين الرسول مما ليس لله فيه نص حكم، وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله والانتهاء إلى حكمه، فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل.

خامسها: ما فرض الله على خلقه الاجتهاد في طلبه وهو القياس، «والقياس ما طلب بالدلائل على موافقة الخبر المتقدم من الكتاب أو السنة»، وقد سمى المتأخرون هذا البيان ببيان الإشارة. قال الشوكاني: «الخامس بيان الإشارة وهو القياس المستنبط من الكتاب والسنة، مثل الألفاظ التي استنبطت منها المعاني وقيس عليها غيرها؛ لأن الأصل إذا استنبط منه معنى وألحق به غيره لم يقل: لم يتناوله النص، بل تناوله؛ لأن النبي

Unknown page