Taḥrīr al-afkār
تحرير الأفكار
والجواب: إنه لا تعارض بينه وبين الرواية الشهيرة التي هي النوع الأول، فأما الروايات المخالفة لها فهي قليلة، ويمكن الجمع بأن الروايات السابقة من تصرف الرواة بناء على اعتقادهم نفي الجهر وتوهمهم أن مقصود أنس بقوله: كانوا يستفتحون القراءة أو الصلاة ب ] الحمد لله رب العالمين [ أنهم لا يقرأون ] بسم الله الرحمن الرحيم [ كما يعتقده الآن بعض أهل الحديث، فإذا رددنا الروايات في بقية الأنواع السبعة إلى روايات النوع الأول بناء على أنها الأصل ظهر أنه لا معارضة بينها وبين أحاديث الجهر، لأنا حملنا أحاديث الافتتاح ب ] الحمد لله رب العالمين [ على الابتداء بالفاتحة، ومثل هذا مما يحتاج الصحابة إلى نقله وإن كان أمرا مفروغا منه عندنا، فإن السنة تحفظ بالروايات ولولا الروايات لضاع بعضها، ولم يكن عندنا أمرا مفروغا منه كما رووا في صفة الوضوء ترتيبه، وهو أمر مفروغ منه لشهرة الوضوء وتكرره وعموم التكليف به، وكما رووا القيام في الخطبة وكان أمرا مفروغا منه، وكما رووا القصر في منى وكان أمرا مفروغا منه قبل حدود الإتمام وغير ذلك، وأكثر السنة عند الصحابة أمر مفروغ منه، فهل يجب أن لا يبلغوها اتكالا على أنها أمر مفروغ منه ؟ مع أنهم لا يعلمون ما تصير إليه الأمور، وما سيبقى مشهورا مفروغا منه وما سيغير ويخفى وما سيخفى لقلة روايته وسكوت الرواة عنه.
قال مقبل: ( 9 ): مخالفته لما روى عدد كثير أي من المطاعن التي ذكرها السيوطي ثم قال مقبل: قد ذكر الحافظ الزيلعي في « نصب الراية » الروايات التي فيها الجهر وفند أكثرها، وليس لدي من الوقت ما يتسع لنقل ما قاله، ومن جملة ما قاله: « إن أحاديث الجهر أكثر وأحاديث الإسرار أصح ».
Page 289