Tafsīr al-Rāghib al-Aṣfahānī
تفسير الراغب الأصفهاني
Editor
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
Publisher
كلية الدعوة وأصول الدين
Publisher Location
جامعة أم القرى
Regions
•Iran
استعظام البيت حتى لا يجسر عامتهم على تعظيم حرمته، ومن ضيقها كان ممقوتًا غير منفك من عقوبة أما متجلية للمناظر أو ظاهرة لأولي البصائر، وقرئ: " واتخذوا " على الأمر، وروي فيه أن النبي ﷺ قال لعمر لما انتهى إلى المقام: " هذا مقام أبينا إبراهيم، [فقال: ألًا نتخذه مصلى؟] " فأنزل الله- ﷿ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، فعلى هذا أمر فصل به بين الجملتين من الخبر المعطوفة، والمعطوف عليها، (وعهدنا إلى) أي، أمرناهما أمرًا موثقًا عليهما بأن يطهرا البيت من الأنجاس والشرك وكل ما ينافي موضع الطهارة، للطائفين: أي القصاد، وقيل لأولي الطواف، وكلاهما مراد، والركع السجود: المصلين، وقيل: قد دخل في الأمر بتطهيره أن ببنيانه على تقوى كما قال: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ﴾ الآية.
قوله- ﷿:
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾
الآية (١٢٦) - سورة البقرة.
البلد: الأثر الباقي، وسمي المدينة، وكركرة البعير.
والمفازة: بلدًا للآثار الظاهر بها، وقيل للآثار في الجلد أبلاد، والبليد: المقيم على بلده أي مكانه، ثم جعل عبارة عمن لا نفاذ له في الأمر حتى صار أملك له، والمصير: المنتهي إليه في الأمر، ومنه المصير: لمنتهى الطعام، وصير البقرة مأواها، كالزريبة للغنم، وصير الباب: حيث مصيره، وإنما قيل: شق الباب اعتبارًا بصورته لا بحقيقة مقتضي اللفظ، والاضطرار: حمل الإنسان على [ما يضره وهو في التعارف] حمل على الأمر بكره وذلك على وجهين: أحدهما بسبب خارج، وهو إما أن يضرب أو يهدد بالضرب حتى يفعله منقادًا، وإما أن يؤخذ بيده فيفعل ذلك به، والثاني بسبب من داخل، وذلك إما بقهر قوة له لا يناله بدفعها الهلاك، كمن غلب
1 / 312