Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الثالث أنه يلزم من تعقل المعدومات وجودها في الخارج لكونها موجودة في العقل الموجود في الخارج مع القطع بأن الموجود في الموجود في الشيء موجود في ذلك الشيء كالماء الموجود في الكوز الموجود في البيت والجواب أن مبنى الكل على عدم التفرقة بين الوجود المتأصل الذي به الهوية العينية وغير المتأصل الذي به الصورة العقلية فإن المتصف بالحرارة ما تقوم به هوية الحرارة لا صورتها والتضاد إنما هو بين هويتي الحرارة والبرودة لا صورتيهما والذي علم بالضرورة استحالة حصوله في العقل والخيال هو هويات السموات لا صورها الكلية أو الجزئية والموجود في الموجود في الشيء إنما يكون موجودا في ذلك الشيء إذا كان الوجودان متأصلين ويكون الموجودان هويتين كوجود الماء في الكوز والكوز في البيت بخلاف وجود المعدوم في الذهن الموجود في الخارج فإن الحاصل في الذهن من المعدوم صورة والوجود غير متأصل ومن الذهن في الخارج هوية والوجود متاصل وبالجملة فماهية الشيء أعني صورته العقلية مخالفة لهويته العينية في كثير من اللوازم فإن الأولى كلية ومجردة بخلاف الثانية والثانية مبدأ للآثار بخلاف الأولى ومعنى المطابقة بينهما أن الماهية إذا وجدت في الخارج كانت تلك الهوية والهوية إذا جردت عن العوارض المشخصة واللواحق الغريبة كانت تلك الماهية فلا يرد ما يقال أن الصورة العقلية إن ساوت الصورة الخارجية لزمت المحالاة وإلا لم تكن صورة لها قال المبحث الرابع قد اختلفوا في أن المعدوم هل هو ثابت وشيء أم لا وفي أنه هل بين الموجود والمعدوم واسطة أم لا والمذاهب أربعة حسب الاحتمالات أعني إثبات الأمرين أو نفيهما أو إثبات الأول ونفي الثاني أو بالعكس وذلك أنه إما أن يكون المعدوم ثابتا أو لا وعلى التقديرين إما أن يكون بين الموجود والمعدوم واسطة أو لا والحق نفيهما بناء على أن الوجود يرادف الثبوت والعدم يرادف النفي فكما أن المنفي ليس بثابت فكذا للمعدوم وكما أنه لا واسطة بين الثابت والمنفي فكذا بين الموجود والمعدوم وأما الشيئية فتساوق الوجود بمعنى أن كل موجود شيء وبالعكس ولفظ المساوقة يستعمل عندهم فيما يعم الاتحاد في المفهوم فيكون اللفظان مترادفين والمساواة في الصدق فيكونان متباينين ولهم تردد في اتحاد مفهوم الوجود والشيئية بل ربما يدعي نفيه بناء على أن قولنا السواد موجود يفيد فائدة يعتد بها بخلاف قولنا السواد شيء فصار الحاصل أن كل ما يمكن أن يعلم إن كان له تحقق في الخارج أو الذهن فموجود وثابت وشيء وإلا فمعدوم ومنفي ولا شيء وأما المخالفون فمنهم من خالف في نفي الواسطة وإليه ذهب من أصحابنا إمام الحرمين أولا والقاضي ومن المعتزلة أبو هاشم فقالوا المعلوم إن لم يكن له ثبوت أي في الخارج لأن مبنى الكلام على نفي الوجود الذهني وإلا فالمعلوم موجود في الذهن قطعا فهو المعدوم وإن كان له ثبوت فإن كان باستقلاله وباعتبار ذاته فهو الموجود وإن كان باعتبار التبعية للغير فهو الحال فهو واسطة بين الموجود والمعدوم لأنه عبارة عن صفة للموجود لا تكون موجودة ولا معدومة مثل العالمية والقادرية ونحو ذلك والمراد بالصفة مالا يعلم ولا يخبر عنه بالاستقلال بل بتبعية الغير والذات بخلافها وهي لا تكون إلا موجودة أو معدومة بل لا معنى للموجود إلا ذات لها صفة الوجود وللمعدوم إلا ذات لها صفة العدم والصفة لا يكون لها ذات فلا تكون موجودة ولا معدومة فلذا قيد بالصفة واحترز بقولهم بموجود عن صفات المعدوم فإنها تكون معدومة لا حالا وبقولهم لا موجودة عن الصفات الوجودية مثل السواد والبياض وبقولهم ولا معدومة عن الصفات السلبية قال الكاتبي وهذا الحد لا يصح على مذهب المعتزلة لأنهم جعلوا الجوهرية من الأحوال مع أنها حاصلة للذات حالتي الوجود والعدم قلنا إنما يتم هذا الاعتراض لو ثبت ذلك من أبي هاشم وإلا فمن المعتزلة من لا يقول بالحال ومنهم من يقول بها لا على هذا الوجه ثم قال وأول من قال بالحال أبو هاشم وفصل القول فيه بأن الأعراض التي لا تكون مشروطة بالحياة كاللون والرائحة لا توجب لمن قامت به حالا ولا صفة إلا الكون فإنه يوجب لمحله الكائنية وهي من الأحوال وأما الأعراض المشروطة بالحياة فإنها توجب بمحالها أحوالا كالعلم للعالمية والقدرة للقادرية وزعم القاضي وإمام الحرمين أن كل صفة فهي توجب للمحل حالا كالكون الكائنية والسواد الأسودية والعلم العالمية ومنهم من خالف في نفي كون المعدوم ثابتا وهم أكثر المعتزلة حيث زعموا أن المعلوم إن كان له كون في الأعيان فموجود وإلا فمعدوم فلا واسطة بينهما وباعتبار آخر المعلوم إن كان له تحقق في نفسه وتقرر مثبت وإلا فمنفي وكل ما له كون في الأعيان فله تقرر في نفسه من غير عكس فيكون الموجود أخص من الثابت وكل ما لا تقرر له في نفسه لا كون له في الأعيان وليس كل مالا كون له لا تقرر له فيكون المنفي أخص من المعدوم فيكون بعض المعدوم لا منفيا ثابتا ومنهم من خالف في الأمرين جميعا وهم بعض المعتزلة قالوا المعلوم إن كان له كون في الأعيان فإن كان له ذلك بالاستقلال فهو الموجود وإن كان بتبعية الغير فهو الحال وإن لم يكن له كون في الأعيان فهو المعدوم والمعدوم إن كان متحققا في نفسه فثابت وإلا فمنفي فقد جعلوا بعض المعدوم ثابتا وأثبتوا بين الموجود والمعدوم واسطة هو الحال وظاهر العبارة يوهم أن الثابت قسم من المعدوم وليس كذلك بل بينهما عموم من وجه لأنه يشمل الموجود والحال بخلاف المعدوم والمعدوم يشمل المنفي بخلاف الثابت وإن كان المعدوم مباينا للمنفي على ما صرح به في تلخيص ا لمحصل من أن القائلين بكون المعدوم شيئا لا يقولون للممتنع معدوم بل منفي كان الأولى في هذا التقسيم أن يقال المعلوم إن لم يتحقق في نفسه فمنفي وإن تحقق فإن كان له كون في الأعيان فإما بالاستقلال فموجود أو بالتبعية فمحال وإن لم يكن له كون في الأعيان فمعدوم وفي التقسيم السابق أنه إن لم يتحقق فمنفي وإن تحقق فثابت وح إن كان له كون في الأعيان فموجود وإلا فمعدوم ( قال لنا في المقامين ) أي في نفي ثبوت المعدوم وشيئيته وفي الواسطة بين الموجود والمعدوم الضرورة فإنها قاضية بذلك إذ لا يعقل من الثبوت إلا الوجود ذهنا أو خارجا ومن العدم إلا نفي ذلك والشيئية تساوق الوجود فالثابت في الذهن أو الخارج موجود فيه وكما لا تعقل الواسطة بين الثابت والمنفي فكذا بين الموجود والمعدوم والمنازع مكابر وجعل الوجود أخص من الثبوت والعدم من المنفي وجعل الموجود ذاتا لها الوجود والمعدوم ذاتا لها العدم لتكون الصفة واسطة اصطلاح لا مشاحة ( قال واستدل ) منا من جعل نفي ثبوت المعدوم غير ضروري فاستدل عليه بوجوه الأول لو كان المعدوم ثابتا لامتنع تأثير القدرة في شيء من الممكنات واللازم باطل ضرورة واتفاقا وجه اللزوم أن التأثير إما في نفس الذات وهي أزلية والأزلية تنافي المقدورية وإما في الوجود وهو حال أما على المثبتين فإلزاما وأما على النافين فإثباتا بالحجة على ما سيأتي والأحوال ليست بمقدورة باتفاق القائلين بها ولأن عدم توقف لونية السواد وعالمية من قام به العلم على تأثير القدرة ضروري وأما التمسك بأنه لو كان مثل عالمية العالم ومتحركية المتحرك بالفاعل لأمكن بدون العلم والحركة ويؤدي إلى إبطال القول بالأعراض فلا يخفى ضعفه ثم نفي المقدورية لا يستلزم ثبوت الأزلية ليلزم أزلية الوجود بل أزلية اتصاف الذات بالوجود بناء على كونه نسبة بينهما لا يتوقف على غيرهما لأنهم يجوزون الثبوت بلا علة أو بعلة غير قادرة وأجيب بمنع الحصر لجواز أن يكون تأثير القدرة في اتصاف الذات بالوجود لا يقال الاتصاف منتف
أما أولا فلأنه لو ثبت لكان له اتصاف بثبوت وتسلسل
Page 81