============================================================
شرح الأنفاس الروحانية يقوى على إمساك الوجد في باطنه على وجه لا يتحرك الظاهر كيلا يقف مع الأغيار على وجده لكنه يحركه في بطنه، كما قال الجنيد: ( وترى الجبال تحسبها جايدة وهى تمر مر الشحاب) [النمل: 88] إذا عرفت ذلك فاعلم أيضا أنهم يسمون السرور في الدين وجدا مجازا ولكن إذا كان تحركه في باطنه أو في الباطن والظاهر جميعا إذلو لم يحركه أصلا لا يسمونه وجدة لأن المؤمن لآه في من فرح وسرور بما أعد الله تعالى له في الآخرة وإنما سمى وجذا؛ إذا حركه، وإنما قلنا: إنهم اصطلحوا على تسمية السرور وجدا مجازا لأن هذا مستعمل أهل اللغة وكان مجازا، وكان الواجد في اصطلاح الصوفية استما مشتركا من هذه المعاني وهى الحزن، والخوف، والسرور فافهم ويدل على آن الوجد مستعمل في السرور عندهم كاستعمال في الحزن ما يأت في شرح كلماتهم من بعد إن شاء الله تعالى، ثم اعلم أن الفرح، والسرور الذي هو وجد أكثرها يكون بمشاهدة ما يجبه من الكرامات ورؤية الملائكة والجنة، وما فيها، أو بشارة له من الغيب، أو ما أشبه ذلك وأسماء الوجد والجد الذى هو حزن وخوف أكثرها يكون بشهود ما يخاف منه ويحذر عندهم هو هم النار وهو أن الموت، والقبر، والقيامة، وربما يكون على أهل فقدوا أو مشاهد خلا مشاهدة من محبوبه فيحزن على فقدانه و فواته وكل الوجد أكثره يكون مختلطا اختلاط الحزن بالفرح لأن مشابها ذلك يكون لحظة جد منهما ويفرح ويحزن يختلط فرحه بحزنه ويتكدر عليه حاله و المسلم أن المحققين الكبار من المشايخ قالوا: إن الوجد وجد الله تعالى والوجود، والوجود وجود الله تعالى فأما الوجد، والوجود بغير الله تعالى لا عبرة بها عندهم فإن قلت: وجد العبد لمولاه كيف؟ قلت: هو آن يجده بقلبه ويشاهده بعين و يعاينه بنظره الخفي ساعة لطيفة م يجب في الحال فلو بقى وجدانه ساعتين سمى وجوذا، فلو دام ثلاث ساعات فما فوقها فهي مشاهدة إذا عرفت هذا فاعلم آن الجنيد إنما أراد بقوله:
Page 232