============================================================
شرح الأنفاس الروحانية في باطنه يسمونه وجدا، وإن لم يظهر تحريكه للناظرين ألا ترى أنهم لا يسمون الحزين على ما فاته من ماله وأهله وما أشبه ذلك ولا الخائف من الظالم والسبع واجدا، ولا خوفه وحزنه وجدا، وأما لا يسمون كل حزن في الدين وجذا لأن المؤمن لا يخلو من الخوف، والحزن على ما يصدر منه من المعاصى والتقصيرات في جنب الله تعالى، والإخلال بفرائض الله جل وعلا وعلى ما في طريقه إلى لقاء الله تعالى بعد الموت من السؤال إلى الجواب والحساب والكتاب إلى أن ينزل في بحبوحة الجنة ولا يقولون أنه في وجد دائم، وأما إذا حركه الخوف، والحزن في باطنه، أو حركة ظاهرا، وباطنا سمى وجذا، إما ظاهرا فظاهر وإما باطنا، فإن الكبار من المشايخ الذين هم الأقوياء أولو الألباب القوية يحترزون عن الرعونة، والتكلف، والحالة بمسكون ظواهر الجوارح منهم مع التحرك والاضطراب كيلا يقف أحد على حاله ولا يعلم أنه يجد شيئا.
ك عن أبى محمد الجريري قال: كنت عند الجنيد وعنده ابن مسروق وغيره من الكبار ومعهم قوال، فقام ابن مسروق مع جماعة والجنيد ساكن لا يتحرك(1).
قال أبو محمد: قلت للجتيد يا سيدي مالك في السماع شيء يحركث كما يحرك هؤلاء، فقال الجنيد: قال الله تعالى: ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمرمر الشخاب) [النمل:88] ثم قال الجنيد: وأنت يا أبا محمد مالك في السماع، فقلت: أنا إذا حضرت موضعا فيه سماع وهناك محتشم أمسكت على نفسي وجدي، فإذا خلوت أرسلت وجدي وتواجدت فدل هذه الحكاية على أن القوى من الرجال (1) انظر: الرسالة القشيرية (202/1)، وكتابتا في الإمام الجنيد سيد الطائفتين (ص279)، الإحياء (303/2)، واللمع (ص366)، والمعزى في مناقب أبي يعزى (بتحقيقنا).
Page 231