307

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genres

فاندهش الكونت وقال: كيف يسعني قبوله بعد أن علمت أن هذا الشاب لا يمكن له أن يستغويك، وبالتالي أكون كأني قد حكمت عليه بالقتل وهو بريء.

فقالت له باكارا بصوت أجش: وكيف علمت أن هذا الرجل لا يستحق الموت؟

وقد قالت هذا القول بلهجة الواثقة من وجوب موته، كالقاضي يحكم على الجاني وهو مطمئن الضمير بعد ثبوت الجناية. فطأطأ الكونت رأسه، وقد علم أنها تكتم سرا هائلا.

ودقت الساعة مؤذنة بانتصاف الليل، فقالت له باكارا لقد دنا موعد الفراق أيها الصديق، فعد لي في ظهر الغد للغداء، واحضر بمركبتك وخدمك كي يقفوا بها على الباب، فيعلم الناس أنك في منزلي.

ثم مدت له يدها فقبلها وخرج وهو يقول: ما هذا السر العجيب في القلوب، إني دخلت إلى منزلها وأنا أعتبرها اعتبار بنات الهوى، فما خرجت من عندها إلا وأنا أحترمها احتراما لا مزيد فيه، حتى لقد ألقي بنفسي إلى الموت من أجلها، فما هذا التأثير؟ ألعلي أحبها؟

أما باكارا فإنها دخلت بعد ذهابه إلى الغرفة التي كانت تنام فيها الفتاة اليهودية، فألفتها لا تزال مستيقظة، وكانت باكارا قد بدأت تعتقد بصدق أقوالها في نومها، ولكنها لم تكن قد علمت منها إلى الآن سوى أن أندريا يكرهها ويكره أخاه وفرناند وليون، وأنه يحاول قتل المركيزة فان هوب بواسطة حبها لرجل جميل هو شاروبيم، وقد بقي عليها أن تعلم كيف يدبر أندريا هذه المكيدة الهائلة، ومن هم أعوانه فيها، فأجلست الفتاة بإزائها، وجعلت تطيل التحديق بعينيها وهي تقول لها: إني آمرك أن تنامي. حتى نامت نومها المغناطيسي.

34

ولنعد الآن إلى شاروبيم، فإنه بعد أن غادر روكامبول جعل يفكر وهو سائر إلى منزله تفكير النادم لدخوله في هذه الجمعية السرية، وما وراءها من الأخطار والقيود إلى أن بلغ منزله، فدخل غرفته وحاول أن ينام، ولكنه أطل من النافذة فرأى مصباحا قد وضع خاصة في نافذة الأرملة ملاسيس، وهي علامة متفق عليها بينها وبينه؛ فعلم أنها تنتظره، وللحال خرج من منزله وصعد إليها، فجعلت تؤنبه تأنيبا شديدا لخروجه من منزله، وقد قالت له إن المركيزة كانت مشفقة عليه أشد الإشفاق، فكانت تزورها كل يوم كي تطمئن عليه، ولكنها حين علمت أنه لم يقم في الفراش غير أسبوع، وأنه خرج من المنزل أمس انقطعت عن زيارتها لاطمئنانها.

فعض شاروبيم شفته من الغيظ وقال: متى تزورك؟ - إنها لا تزورني إلا بعد ثمانية أيام كما أخبرتني، وذلك إما لاطمئنانها عليك أو لأنها تريد أن تنساك، وعلى كل حال فإنك قد ارتكبت خطأ عظيما بخروجك من المنزل، فقد كان يجب أن تبقى متمارضا فيه كي يزيد حنوها عليك ويكثر تردادها علي، والآن فماذا تريد أن أعمل؟

فوجم شاروبيم هنيهة ثم افتكر بروكامبول فقال: غدا سأخبرك. - بل اكتب لي لأني أخشى أن يزورني الدوق فجأة ويجدك عندي، وهو شيخ غيور، فتفسد علي أمري.

Unknown page