فقال له الماجور: وأي ضرر علينا من ذلك لا سيما أنت؛ فإن غاية ما يطلب إليك أن تحمل المركيزة على حبك، وما أنت بصديق لزوجها فترتكب خيانة، وغاية ما تلقاه من الخطر في تمثيل دورك هذا أنك تضطر إلى مبارزة المركيز؛ فهل تخاف هذه المبارزة؟ - إذا كان هذا كل الخطر، فإني أسير كما تريد، بل كما يريد رئيسنا.
وانطلق الاثنان حتى بلغا إلى بيت المركيزة فدخلا إليه.
ولم يكن قد تكامل عدد المدعوين، وكان المركيز وصديقه الدوق مايلي والشيخ يتخطران في قاعة الاستقبال ذهابا وإيابا، ولما دخل الماجور وشاروبيم قدمه بيده للمركيز، فسلم عليه المركيز، ولكنه ما لبث أن رأى جماله النادر حتى هلع قلبه، فانحنى أمامه الاثنان ثم انصرف إلى المركيزة، وكانت جالسة في زاوية من القاعة العمومية، وأمامها حفيد الدوق مايلي والأرملة مالاسيس صديقتها، وهي تروي لها أحاديث مضحكة كان يعاونها فيها حفيد الدوق، فقدم الماجور رفيقه شاروبيم إلى المركيزة كما قدمه للمركيز.
وبينما كانت المركيزة معجبة بشاروبيم تحادثه بارتياح وتنظر إليه نظرة الاستحسان، إذ دنا رجل عليه ملامح الإنكليز، فوضع يده على كتف الكونت مايلي حفيد الدوق وأشار إليه أن يتبعه، فتبعه الكونت منذهلا لأنه لم يكن يعرفه من قبل.
أما الإنكليزي فلم يكن إلا أندريا، وقد تلبس بملابس الإنكليز وقلد لهجتهم وسائر حركاتهم بحيث لم يعد يفرق عنهم في شيء، وقد دعا نفسه السير أرثير وتعرف على المركيز بواسطة أحد أصحابه، فدعاه إلى ليلته الراقصة.
وسار أندريا والكونت حتى بلغا إلى قاعة مشرفة على القاعة العمومية، فجلسا إلى منضدة وافتتح أندريا الحديث فقال: أسألك المعذرة أيها الكونت، فإني ما دعوتك إلا لمباحثتك بأمر هام. - قل ما تشاء، فإني مصغ إليك.
فأشار أندريا إلى الأرملة وقال: ما رأيك بهذه المرأة؟
فالتفت الكونت ورأى الأرملة، فأجفل مضطربا وقال: لا رأي لي فيها!
فابتسم أندريا ابتساما معنويا وقال: إنها حسناء.
فقال الكونت: إنها تبلغ الأربعين. - كلا، إنها لا تتجاوز الخامسة والثلاثين، ولكنها لم تبلغ بعد العشرين في عين جدك الدوق.
Unknown page