============================================================
يدي ركوة كبيرة متزرا بمئزرة وعلى كتفي متزر وفي رجلي تاسومة فاستبشع منظرى فلما سلمت عليه كأنه ازدراني وما رأيت منه تلك البشاشة فقلت في نفسي ترى مع من وقعت فجلست عنده فلما كان بعد يومين أو ثلاثة جاء رجل من المتكلمين فناظره في شىء من الكلام فاستظهر على ذي النون وغلبه فاغتممت لذلك فتقدمت وجلست بين آيديهما واستملت المتكلم إلي وناظرته حتى قطعته، ثم دققت حتى لم يفهم كلامى قال فعجب ذو النون من ذلك وكان شيخا وأنا أصسغر منه فقام من مكانه وجلس بين يدى وقال اعذرني فإني لم أعرف من مكانك من العلم وأنت آثر الناس عندي وما زال بعد ذلك يبجلني ويرفعتى على جميع أصحابه حتى بقيت على ذلك سنة كاملة، فقلت له بعد السنة يا أستاذ أنا رجل غريب وقد اشتقت إلى أهلى ولى في خدمتك سنة ووجب حقي عليك وقيل لي إنك تعلم الاسم الأعظم وقد جربتني وعرفتني فان كنت تعرفه فعلمني إياه، قال فسكت عني ولم يجبني بشيء وأوهمني أنه ربما علمني ثم سكت عنى ستة أشهر فلما كان بعد ذلك قال يا أبا يعقوب أليس تعرف فلانا صديقنا بالفسطاط الذى يأتينا وسمى رجلا فقلت له بلى قال فأخرج إلى طبقا فوقه مكبة مشدودة بمنديل فقال لي أوصل هذا إلى من سميت لك بالفسطاط فأخذت الطبق فاذا هو خفيف كأنه ليس فيه شىء فلما بلغت الجسر الذي بين الفسطاط والجيزة قلت في نفسي يوجه ذو النون بهدية إلى رجل في طبق ليس فيه شىء لأبصرن ما فيه فحللت المنديل ورفعت المكبة فإذا فأرة قد نفرت من الطبق فذهبت فاغتظت وقلت سخر بى ذو التون ولم يذهب وهمى في الوقت إلى ما أراد فرجعت إليه مغضبا فلما رآى تبسم وعرف القصة وقال يا مجنون أثتمنتك على فأرة فختتتي فكيف أتتمنك علسى اسم الله الأعظم قم عني فارتحل ولا أراك بعد هذا فانصرفت عنه الحكاية السادسة والاربعون بعد الماثتين عن عهر البناني رضى الله عنه قال مررت براهب في مقبرة وفي كفه اليمنى حصى أبيض وفي كفه اليسرى حصى أسود فقلت يا راهب ما تصنع ههنا قال إذا فقدت قلبى أتيت المقابر فاعتبرت بمن فيها فقلت ما هذا الحصى الذي في كفك فقال أما الحصى الأبيض إذا عملت حسنة ألقيت منها واحدة في الأسود وإذا عملت سيئة القيت من هذا الأسود واحدة في الأبيض فإذا كان الليل نظرت فإن فضلت الحسنات على السيئات أفطرت وقمت الى وردى وإن فضلت السيئات على الحسنات لم اكل طعاما ولم أشرب شرابا في تلك الليلة هذه حالتي والسلام عليك.
Page 211