============================================================
فإذا أنتما فعلتما ذلك فأتيانى فى كل يوم مرة لعلكما تتعظان ففعلا ذلك وكان أخوه الأمير يركب فى جنده حتى يقف على قبره فينزل ويقرأ ما عليه ويبكى فلما كان اليوم الثالث جاء كما كان يجىء مع الجتد فنزل وقرأ وبكى كما كان يبكى فلما أراد أن ينصرف سمع هدة من داخل القبر كاد ينصدع لها قلبه فانصرف مذعورا فزعا فلما كان الليل رأى أخاه فى منامه فقال يا أخى ما الذى سمعت فى قبرك قال تلك هذه المقمعة قيل لى رأيت مظلوما فلم تنصره فأصبح مهموما فزعا فدعا أخاه وخاصته وقال ما أرى أخى أراد بما أوصى أن يكتب على قبره غيرى. وإنى اشهدكم ألا أقيم بين أظهركم أبدا، فترك الإمارة ولزم العبادة وكان يأوى إلى الجبال والبرارى حتى حضرته الوفاة مع بعض الرعاة فلما بلغ ذلك أخاه أتاه وقال له يا أخى ألا توصى) قال بأى شيء أوصى يا أخى ليس لى مال فأوصى به ولكنى أعهد عهدا إذا أنا مت فادفتى إلى جنب أخى واكتب على قبرى هذين البيتين : وكيف يلذ العيش من كان موقنا بأن المنايا بغتة ستعاجله فتسلبه ملكا عظيما وبهجة وتسكنه القبر الذى هو آهله ثم زرنى ثلاثة أيام بعد موتى فادع الله لى لعل الله يرحمنى ثم مات ففعل أخوه ما أمره به فلما كان اليوم الثالث أتاه وبكى عنده ودعا له فلما أراد أن ينصرف سمع رجة عظيمسة داخل القبر كادت تذهب عقله فرجع قلقا، فلما كان الليل رأى اخاه في المثام قد أتاه فقال له يا أخى جئتنا زائرا فقال هيهات بعد المزار فلا مزاد واطمأنت بنا الدار فقال له كيف أنت قال بخير ما أجمع التوبة لكل خير، فقال كيف أخى قال مع الأئمة الأبرار قال فما تأمر قال من قدم شيئا وجده فاغتنم وجدك قبل عدمك فأصبح معتزلا للدنيا قد انخلع قلبه منها وفرق ماله وقسم رباعه وأقبل على طاعة الله عز وجل ونشا له ولد كامل الشباب وجها وكمالا وجمالا قأقبل على التجارة حتى حضرت أباه الوفاة فقال الابن يا أبت ألا توصى قال والله يابنى مالأبيك مال يوصى به، ولكنى أعهد إليك عهدا إذا أنا مت فادفنى مع عمومتك واكتب على قبرى هذين البيتين: وكيف يلذ العيش من كان صاترا إلى جدث يبلى الشباب منازله ويدهب ماء الوجه بعد بهائه سريما ويباى سمه ومفاصلسه فإذا فعلت ذلك فتعاهدنى ثلاثا فادع الله لى لعل الله يرحمنى ففعل الفتى ذلك فلما كان اليوم الثالث سمع من القبر صوتا اقشعر له جلده وتغير لونه فرجع إلى أهله مهموما أو قال محموما، فلما كان الليل أتاه أبوه فى المنام فقال يابنى أنت عندنا عن قريب والأمر بآخره والموت أقرب من ذلك، فاستعد لسفرك وتأهب لرحيلك وحول
Page 190