191

============================================================

جهازك من المنزل الذى أنست عنه ظاعن إلى المنزل الذى أنت فيه مقيم، ولا تغتر بما اغتر به البطالون قبلك من طول آمالهم فقصروا فى آمر معادهم فندموا عند الموت أشد الندامة وأسفوا على تضييع أعمارهم أشد الأسف فلا الندامة عند الموت تنفعهم ولا الأسف على التقصير انقذهم من شر ما نالهم وشدة ماهالهم، ثم قال يابنى بادر ثم بادر فأصبح الفتى وقال ما أظن هذا الأمر إلا قد أظلنى فأدى دينه ولم يزل يقسم ويعطى ويتصدق إلى أن كان اليوم الثالث من صبيحة الرؤيا فدعا أهله وولده فودعهم وسلم عليهم ثم استقبل القلة وتشهد شهادة الحق ثم مات رحمه الله فكان الناس يزورون قبورهم ويتوسلون بهم إلى الله تعالى فى قضاء حوائجهم فتقضى رضى الله عنهم ونفعنا بهم آمين الحكاية الرابعة عشرة بعد الماثتين عن أبى القاسم الجنيد اضى الله عنه قال دخلت الكوفة فى بعض أسفارى فرأيت دارا لبعض الرؤساء وقد شف عليها النعيم وعلى بابها عبيد وغلمان وفى بعض رواشنها جارية تغنى وهى تقول: الا يادار لا يدخلك حزن ولا يعبث بساكنك الزمان فنعم الدار أنت لكل ضيف إذا ما الضيف أعوزه المكان قال ثم مررت بها بعد مدة فإذا الباب مسود والجمع مبدد وقد ظهر عليها كآبة الذل والهوان وأنشد لسان الحال: ذهبت محاستها وبان شجونها والدهر لايبقى مكانا سالما فاستبدلت من آتسها بتوحش ومن السرور بها عزاء راغما قال فسألت عن خبرها فقيل لى مات صاحبها قال أمرها إلى ما ترى فقرعت الباب الذى كان لايقرع فكلمتنى جارية بكلام ضعيف ققلت لها يا جارية أين بهجة هذا المكان وأين آنواره وأين شموسه وأقماره وأين قصاده وأين زواره فبكت، ثم قالت ياشيخ كانوا فيه على سبيل العارية، ثم نقلتهم الأقدار الى دار القرار، وهذه عادة الدنيا ترحل من سكن فيها وتسىء إلى من أحسن إليها فقلت لها ياجارية مررت بها فى بعض الأعوام وفى هذا الروشن جارية تغنى : ألا يادار لا يدخلك حزن فبكت وقالت أتا والله تلك الجارية ولم ييق من أهل هذه الدار أحد غيرى فالويل لمن غرته دنياه فقلت لها فكيف قربك القرار فى هذا الموضع الخرب فقالت لى ما أعظم جفاءك اما كان هذا منزل الأحباب ثم أنشدت : قالوا ألفت وقوفا فى منازلهم ونفس مثلك لايفنى تحمله

Page 191