233

Al-Nūr li-ʿUthmān al-Aṣamm

النور لعثمان الأصم

Genres

قال المؤلف: وقد كان إبليس عبدا صالحا مؤمنا، فانتقل من الإيمان إلى الكفر، بسوء اختياره، ولم ينتقل عن خلقته إلى غيرها، وأنه عبد الله تعال، قبل خلق آدم بثمانين ألف سنة، يعبد الله، ثم كفر بسبب عدم سجوده لآدم، وتلك السجدة كانت طاعة الله تعالى، لو سجد فكفر وتولى فولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم، وساءت مصيرا. وإنما خلقه الله، كما خلق غيره من الخلق؛ ليأمرهم بعبادته أمرا اختياريا، فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وكلا الفريقين من المؤمنين الكافرين، فعل ما فعل باختياره، من غير جبر من الله - تعالى الله عن ذلك. به التوفيق.

الباب الحادي والثلاث المائة

في الاستعاذة من إبليس -لعنه الله- ومعانيها

والحكمة في ذلك.

قال الله تعالى: { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . ومعنى الاستعاذة في اللغة: هو الامتناع. وقوله تعالى: "قل أعوذ برب الناس وبرب الفلق" أي امتنع به. فأعوذ بالله: ألوذ بالله. وأستعيذ بالله: أستعين بالله. وقولهم: معاذ الله: أي أعوذ به. فأمرنا الله: أن نستعيذ من إبليس. وأمر الله واجب. علينا أن نفعله. وبالله التوفيق.

**********

الباب الثاني والثلاث المائة

في استدلال إبليس -لعنه الله- على العبد إذا هم بالطاعة

وكيفية ذلك

سألت بشيرا عمن بهم بالحسنة يفعلها. كيف يصل إبليس إلى علم ذلك، إن كان يصل؟

قال: اختلف في ذلك.

فأما المعتزلة، فإنهم يقولون: إن إبليس إنما يصل إلى ذلك بالآلة. مثل أن يتناول الرجل بالرمح وغيره.

وقال آخرون غير ذلك.

وأصح ما سمعت: أن قلب ابن آدم ، مثل القارورة، في جوفها، أو قال: نور يبصر من خارجها. فإذا هم العبد بالحسنة، سطع ذلك النور إلى دماغه، فيفترق على ثلاثة أقسام. والشهوة مركبة في ابن آدم. وهي طبع فيه، على قدر الجوع.

فإذا كان كذلك، أظل إبليس على ذلك النور، وأعان الشهوة على تضعيف ذلك النور، فغلبت الشهوة.

Page 233