234

Al-Nūr li-ʿUthmān al-Aṣamm

النور لعثمان الأصم

Genres

وقال سعيد بن محمد: يوجد في الحديث: أن الإنسان إذا أراد فعل الطاعة، سطع في جوفه إلى دماغه نور، فيراه إبليس. فيحول بينها وبينه، ويمنيه بالأماني، حتى يمنعه من فعل الطاعة.

وقال: إن جوفه مثل القارورة. فإذا فعل الطاعة، انفتح لها فم، يطع منه ذلك النور.

قيل: فأجاب بهذا لما قيل: كيف يعلم إبليس بما في الإنسان، إذا أراد فعل شيء من الطاعة؟ والله أعلم. وبه التوفيق.

***********

الباب الثالث والثلاث المائة

في مكايد إبليس ووسواسه وتزيينه

ودعائه إلى المعاصي

قيل: إن الشيطان قاعد في جانب القلب الأيسر، واضع خرطومه على فم القلب يوسوس. فإذا ذكر الله خنس. وإذا لم يذكر الله وسوس. فهذا الوسواس الخناس، الذي ذكره الله تعالى. وخرطومه كخرطوم الكلب -فيما قيل- فمن أطاعه في وسواسه، ضل وغوى. ومن خالفه، اهتدى، ورجع الشيطان منهزما.

ومعنى إضلال الشيطان: الدعاء إلى الضلالة، والتزيين للكفر. فمن أطاعه ضل وغوى. ومن عصاه، سلم واهتدى. وليس إليه من الضلالة شيء، كما ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الهداية شيء. ولو كانت الضلالة إليه، لأضل الخلق أجمعين.

فإذا أطاع العبد الشيطان في وسوسته، واتبع ذلك قيل: أضله الشيطان. كل ذلك لأجل ما دعا إليه وزينه، من فعل الكفر. فإبليس داع لذلك الكفر.

فالبارئ تعالى، خالق أفعال العباد، من ذلك الكفر والضلال. فإذا ضل العبد، بسوء اختياره، تركه الله تعالى، في ضلاله. ولم يوفقه ولم يعصمه. وخلق الضلال على يديه، من فعله للضلال والكفر. فهذا إضلال الله للعبد.

وإضلال الشيطان: التزيين والدعاء والوسوسة. وقد تقدم ذلك وكفى. وبالله التوفيق.

*******

الباب الرابع والثلاث المائة

في إرسال إبليس على ابن آدم

وتسليطه عليه وبيان ذلك

الإرسال في كلام العرب على ثلاثة أوجه:

أحدها: إرسال الخبر، كإرسال الريح العقيم قال تعالى: { إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } .

Page 234