Misr Khadiwi Ismacil
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genres
أسمى أدوات القضاء الشرقي»، وغاب عنها أيضا أن شريف باشا، في 7 يولية سنة 1860، أعاد تلك الفكرة إلى الأذهان، بدعوى أن الدول الموقعة على معاهدة سنة 1841 قبلت بإنشاء محكمة مختلطة دولية؛ وأنها لم تعارض حينذاك في إخراج اقتراحه إلى حيز الوجود؛ مع أن البلاد لم تكن لتستفيد منه مطلقا:
أولا:
لأن المحكمة التي اقترح إنشاءها لم تكن لتكون من قضاة ثابتين بمرتبات شهرية معلومة مقررة؛ بل من أفراد يختارون للفصل في كل قضية على حدة مقابل إعطاء الواحد منهم خمسة جنيهات عن كل جلسة تعقد للنظر فيها - وهو ما كان من شأنه حملهم على موالاة عقد الجلسات، وتأجيلها إلى ما شاء الله، ليصيبوا المغنم الجميل المخصص لهم، لا سيما إذا ساعدهم على ذلك سعي متقاض سيء النية، يهمه أن لا يبت حكم في قضيته.
ثانيا:
لأن التأمين الذي فرض دفعه على المتقاضين لرفع دعاويهم إلى تلك المحكمة كان بالطبع جسيما جدا، للتمكن من دفع تلك الجنيهات الخمسة إلى كل قاض في كل جلسة من الجلسات التي يدعى إلى الجلوس فيها مهما كان عددها!
4
ولعل الذي حمل الحكومة العثمانية على عدم المعارضة في مشروع شريف باشا، ارتياح قلبها إلى أنه جعل النظر في استئناف الأحكام التي تصدرها، ابتدائيا، المحاكم المختلطة الملتئمة بمصر، على النمط المذكور، من اختصاص محكمة الأستانة الاستئنافية دون غيرها!
5
فأقبل نوبار، إذا، يدأب ويسعى ليلا ونهارا، ويبذل النقود حيث يجب بذلها، وينفقها إنفاقا حكيما، لحمل الصحافة على الانضمام إليه وشد أزره؛ ويزيل ما علق في أذهان رجال بطرسبرج وأثينا من المخاوف، من أن يؤدي الإصلاح المطلوب إجراؤه بمصر إلى زعزعة أركان الامتيازات في باقي أنحاء السلطنة العثمانية، لا سيما فيما كان منها تحت إدارة الباب العالي مباشرة؛ ويعمل - عقب موت المسيو دي مستييه، واستلام المركيز دي لاڨاليت زمام وزارة الخارجية الفرنساوية بعده وقبوله مبدئيا إجراء مخابرات بين فرنسا ومصر رأسا، خارجا عن اشتراك باقي الدول، بخصوص الإصلاح المطلوب - على تهدئة بال تلك الدول المنزعج، وعلى جمع كلمتها كلها، لا سيما فيما يتعلق بعدم خروج الخديو عن دائرة اختصاصاته وحقوقه في المساعي المبذولة، بعكس ما كان يزعم الباب العالي، حتى تمكن، بعد سنتين من جهود عنيفة وسفرات متوالية إلى أهم العواصم الأوروبية، من حمل الحكومات الفرنساوية والبريطانية والنمساوية والپروسيانية والروسية والإيطالية:
أولا:
Unknown page