Maqasid Caliyya
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية
Genres
ويؤيده ما رواه محمد بن مسلم- وهو كوفي- عن أحدهما (عليهما السلام) حين سأله عن القبلة، فقال: «ضع الجدي في قفاك وصل» (1)، فإن إطلاقه يقتضي التخيير في وضعه في القفا كيف اتفق ومن جملته بل من أعدله جعله بين الكتفين، وهو حينئذ موافق للعلامة الثانية مع أن الكوفة من أوسط العراق، وهذا الوجه ليس ببعيد وإن كان الأول أقوى.
(وعكسه) أي عكس العراقي، أو عكس ما ذكر من العلامات (لمقابله) كالعدني وشبهه من مقاريب بلاد اليمن، فإن قبلتها نقطة الشمال؛ لمناسبتها لمكة في الطول ونقصانها عنها في العرض. وهذا بجعل الجدي معتدلا بين العينين، وهو مقابل العراقي على بعض الوجوه المتقدمة، وربما قابل العراقي بالنسبة إلى العلامة الأولى بعض أهل الحبشة والنوبة.
(وكطلوع سهيل) وهو أول بروزه من الأفق (بين العينين، والجدي) معتدلا (على الكتف اليسرى، وغيبوبة بنات نعش) الكبرى، وهي سبعة كواكب، أربعة منها نعش وثلاث بنات، (خلف الاذن اليمنى).
والمراد جعل كل واحدة حال غيابها، وهو انحطاطها ودنوها إلى جانب المغرب، خلف الاذن (للشامي) وهو من بدمشق ومن والاها. وقد علم من هذه العلامات كون قبلة الشامي تميل عن نقطة الجنوب نحو المشرق يسيرا، وذلك ظاهر بعد العلم بما أسلفناه، فإن استدبار الجدي وبنات نعش عند غاية ارتفاعها يوجب استقبال نقطة الجنوب، فجعل الجدي خلف الكتف اليسرى وبنات نعش حال غيبوبتها وتغريبها خلف الأذن اليمني يوجب التشريق.
وكذا القول في سهيل، فإنه يطلع من أطراف المشرق، ويكون عند غاية ارتفاعه على دائرة نصف النهار مسامتا لنقطة الجنوب، فاستقباله عند طلوعه يقتضي التشريق.
وبالتحرير المستفاد من هذه العلامات وغيرها، ينحرف الشامي عن الجنوب نحو
Page 198