205

فقيل: هو حقيقة في النقل، مجاز في الإزالة .

وقيل: العكس.

وقيل: مشترك. قيل لا يتعلق بهذا الخلاف غرض علمي .

وفي الاصطلاح: (( إزالة مثل الحكم الشرعي بطريق شرعي، مع تراخ بينهما )). إنما قال: مثل الحكم. ولم يقل: إزالة عينه. لأن إزالة العين لا تتصور على الله تعالى. لأنه بداء، وهو مستحيل في حقه تعالى. إذ لا ينكشف له ما لم يكن قد علمه. لأنه عالم لذاته. فحينئذ لا بد مما يتمكن المكلف من الفعل قبل النسخ. وإلا عاد على غرضه بالنقض. وإذا تمكن من فعله فقد خرج الأمر مثلا عن كونه عبثا، ثم إذا نهاه عن مثله في المستقبل، علمنا أن مدة المصلحة فيه قد انقطعت، فحسن نسخه حينئذ .

وقوله: الشرعي. احتراز عن الحكم العقلي. فإن إزالته بطريق شرعي ليس نسخا. وذلك: كالأدلة المبيحة لذبح الأنعام، بعد أن كان محرما بحكم العقل .

وقوله: بطريق. ولم يقل: بدليل. ليشمل القطعي، والظني .

وقوله: شرعي. لتخرج الإزالة للحكم الشرعي بالموت، والنوم، والجنون، والغفلة. فإن ذلك ليس نسخا.

وقوله: مع تراخ بينهما. ليخرج التخصيص. فإنه ليس نسخا، وإنما هو بيان لمراد المتكلم من لفظ العموم. وهذا الحد قد انطوى على شروط النسخ. وهي أربعة:

الأول: أن لا يكون الناسخ ولا المنسوخ عقليا. مثال الأول: ارتفاع التكليف بالنوم.

ومثال الثاني: إباحة ذبح البهائم. كما بينا.

الثاني: أن لا يكون الذي يزيله الناسخ صورة مجردة. كنسخ التوجه إلى بيت المقدس. فإن الناسخ لوجوب

التوجه إليه لم ينسخ صورة التوجه، وإنما أزال وجوبه. وكذلك كل منسوخ.

الثالث: أن يتميز الناسخ من المنسوخ. بأن يكون مخالفا له بوجه.

الرابع: أن ينفصل عنه. احترازا من الغاية، ونحوها. نحو:{ أتموا الصيام إلى الليل}. فإنها متصلة بالجملة، فلا يكون نسخا. والله أعلم .

فإن قلت: هذا الحد لا يتناول نسخ التلاوة فقط؟! إذ الحكم باق لم يرفع!

Page 183