AUTO بسم الله الرحمن الرحيم

| AUTO بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

الحمد لله الذي شرح صدورنا بمعرفة أصول الأحكام، الفارقة ما بين الحلال والحرام، المنتزعة من الكتاب العزيز وسنة سيد الأنام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث بشرائع الإسلام، وعلى آله الطاهرين من الأئمة الأعلام، القائمين بما أتى به على ممر الليالي والأيام، صلاة دائمة متصلة ما طلع صباح وهجم ظلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أنجو بها من الشرك وأدخرها ليوم الزحام، وأن محمدا عبده ورسوله ختام الأنبياء وأي ختام!!

أما بعد: فلما_ كان علم أصول الفقه الذي هو رأس علوم الاجتهاد، التي يهتدي بها إلى محجة الرشاد، وأساسها الذي عليه تبنى وتشاد، من أجل العلوم الدينية قدرا، وأعظمها خطرا، وأدقها سرا، إذ موضوعه أشرف الموضوعات، وغايته أجل الغايات، وكان العلماء رحمهم الله تعالى قد وضعوا فيه المصنفات البسيطة والمختصرات، ولم يألوا جهدا في التحقيق، ولا تركوا مجهودا في التدقيق، وكان من جملتها مختصر الشيخ المحقق، النحرير المدقق، شيخ الإسلام، وعماد الأنام، المعروف في جميع الأزمان، محمد بن يحيى بهران، الموسوم بالكافل بنيل السؤول، في علم الأصول، مختصرا من أجل المختصرات، وأكمل المؤلفات، قد رتبه أحسن ترتيب، وقربه أوجز تقريب، وسلك فيه محجة الإنصاف، وتنكب عن كاهل الإعتساف، تولى مكافأته، وأحسن في الدارين مجازاته _ خطر ببالي أن أجمع عليه ما يجري مجرى الشرح، لتبيين معانيه، وتوضيحها لطالبيه، وأبذل المجهود في توضيحه، وأستفرغ الوسع في تحقيقه وتنقيحه، طالبا من الله الودود الغفور، أن يجعله تجارة لن تبور، وأن ينفع به الطالبين، ويغفر لي يوم الدين، إنه أكرم مسؤول، وأعظم مرجو ومأمول.

Page 1

وسميته: بالكاشف لذوي العقول، عن وجوه معاني الكافل بنيل السؤول.

ومعتمدي في النقل: منهاج الأصول، إلى معيار العقول، وكذلك القسطاس المقبول، وكذلك النهاية، ، شرح منهاج البيضاوي، وغيرها من كتب هذا الفن.

وأنا معترف بقلة البضاعة، وقصور الباع في هذه الصناعة، فمن تيقن فيه فسادا فأصلحه، فأجره على الله. وهآأنا أشرع في المقصود، بعون الملك المعبود.

فأقول وبالله التوفيق، وأسأله الهداية إلى واضح الطريق، وهو حسبي ونعم الوكيل:

AUTO اعلم أنها قد جرت عادة كثير من المصنفين أن يذكروا في

| AUTO اعلم أنها قد جرت عادة كثير من المصنفين أن يذكروا في

|| AUTO اعلم أنها قد جرت عادة كثير من المصنفين أن يذكروا في

مصنفاتهم قبل الشروع في المقصود مقدمة، تتضمن الحد والموضوع والغاية، وبعضهم يزيد على هذه، وبعضهم يقتصر على بعضها، كما فعل المصنف. فإنه اقتصر على الحد.

[تعريف بإصول الفقه]

فقال: (( أصول الفقه هو علم بأصول، يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية، عن أدلتها التفصيلية )).

اعلم أن أصول الفقه في الأصل: لفظ مركب من مضاف ومضاف إليه، ومعناه حينئذ الأدلة المنسوبة إلى الفقه، ثم نقل عن معناه الإضافي وجعل لقبا. أي: علما لفن خاص. من غير نظر إلى آخر. وهو يشعر بأبناء الفقه في الدين عليه، فهو يشعر بالمدح، فإذا تقرر ذلك فلأصول الفقه حدان: حد باعتبار العلمية، وحد باعتبار الإضافية.

أما حده باعتبار العلمية فهو: ما ذكره المصنف.

قوله: (( علم )) جنس الحد، وستأتي حقيقته.

وقوله: (( بأصول )) هي: جمع أصل، والأصل والقاعدة والضابط بمعنى واحد .والمراد بها هنا: صور كلية تنطبق على جزئيات، تتعرف أحكامها منها. كما يقال: الأمر للوجوب.فهذا ينطبق على جزئيات كثيرة ك{ أقيموا الصلاة}{ وآتوا الزكاة}{ وأتموا الصيام إلى الليل} ونحوها من صيغ الأمر.

وكما يقال في القياس مثلا: كل فرع شارك أصلا في علة حكمه، فإنه يجب إلحاقه به. ونحو ذلك.

Page 2

وقوله: (( يتوصل بها )) أي: بتلك الأصول، فيه دليل على أن هذا العلم إنما هو وصلة إلى غيره، وليس مقصودا بالذات.

وقوله: (( إلى استنباط الأحكام )) أي: استخراجها عن أدلتها. والإستنباط: الإستخراج. قال تعالى: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}.أي: يستخرجونه مما علموه من الأدلة.

(( والأحكام )): جمع حكم، وهي النسب التآمة. كقولنا: الحج واجب، والوتر مندوب، ونحوه. واحترز به عما ليس كذلك .

وقوله: (( الشرعية )) أي: المأخوذة من الشرع. واحترز به من العقلية كالتماثل والاختلاف.

وقوله: (( الفرعية )) أي: التي يتعلق بها كيفية عمل. واحترز به عن الأصلية وهي التي لا يتعلق بها كيفية عمل.

وقوله: (( عن أدلتها التفصيلية )) . متعلق بالإستنباط، واحترز به عن الإجمالية، كمطلق الكتاب والسنة، فلا يستند في إباحة البيع مثلا، إلى كون الكتاب قاطعا يجب العمل به، بل إلى قوله تعالى: { وأحل الله البيع }. فالحكم إنما يستخرج من الدليل التفصيلي، لا الإجمالي كما بينا . فهذا حد أصول الفقه باعتبار كونه علما .

وأما حده باعتبار الإضافة _ وإنما أخرناه لأن المقصود الأهم هنا هو

العلمي، وأما الإضافي فهو وإن كان متقدما وجودا، فهو مذكور هنا تبعا -

فالأصل في اللغة: ما يبتنى عليه غيره، من جامد أو نام.

قيل: وأكثر ما يستعمل في الناميات كأصل الشجرة . وأما الجمادات فيقال: فيها أساس .

وفي الاصطلاح: يطلق على معان ستة منها:

1_ الدليل .كما يقال: الأصل في هذه المسألة الكتاب والسنة . ومنه أصول الفقه أي: أدلته .

2_ ومنها: الرجحان .كما يقال: الأصل في الكلام الحقيقة. أي: الراجح عند السامع. لا المجاز .

3_ ومنها: القاعدة المطردة . كما يقال: إباحة الميتة للمضطرعلى خلاف الأصل .

Page 3

4_ ومنها: الصورة المقيس عليها . كما يقال: هذا أصل، وهذا فرع . أي: هذا مقيس، وهذا مقيس عليه .

5_ ومنها: مذهب العالم . كما يقال بنى فلان في هذه المسألة على أصله. أي: على مذهبه .

والفقه في اللغة: الفهم لما فيه غموض. قال الله تعالى: { ولكن لا تفقهون تسبيحهم }. { فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا}. {مانفقه كثيرا مما تقول }. ولا يقال: فقهت قولك: السماء علوية، والكواكب مضيئة . لعدم غموضه .

وفي الاصطلاح: العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية . فقولنا: العلم .جنس الحد، دخل فيه سائر العلوم.

وقولنا: بالأحكام .احتراز عن العلم بالذوات، والصفات، والأفعال .

وقولنا: الشرعية .احتراز من العلم بالأحكام العقلية، كالعلم بأن الواحد نصف الإثنين، وأن الكل أعظم من الجزء .

وقولنا: العملية .احتراز من العلمية، كالعلم بأن الإله واحد سميع بصير.

وقولنا: عن أدلتها التفصيلية .احتراز من علم الله تعالى بالأحكام، فليس مستندا إلى دليل، بل هو عالم بهما معا، غير مستفيد أحدهما من الآخر . وكذا يخرج علم المقلد العامي، إذ ليس عن دليل تفصيلي، لأن المقلد إذا علم أن هذا الحكم أفتى به المفتي، وعلم أن ما أفتى به المفتي هو حق، علم بالضرورة أن هذا حق .فهذا علم لحكم شرعي، لا عن دليل تفصيلي، بل إجمالي كما ترى . والله أعلم بالصواب .

وأما موضوع هذا العلم فهو: الأدلة السمعية، لأنه يبحث فيه عن أعراضها الذاتية.

وأما غايته والغرض منه فهو: العلم بأحكام الله تعالى .

(( وينحصر )) المقصود من هذا الكتاب (( في عشرة أبواب )) انحصار الكل في الأجزاء . إذ أصول الفقه مجموع هذه العشرة الأبواب، وليس كل واحد منها يسمى أصول فقه، فلا يقال لباب الأمر والنهي مثلا: أصول فقه. فليس من انحصار الكلي في الجزئيات.

وإنما انحصر في عشرة أبواب، لأن أصول الفقه كما عرفت هو: العلم بالأصول التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية. وهو لا يحصل إلا بمعرفة هذه العشرة الأبواب.

Page 4

AUTO هذا: وأما الحصر العقلي في عدد هذه الأبواب، فأمر متعسر بل

| AUTO هذا: وأما الحصر العقلي في عدد هذه الأبواب، فأمر متعسر بل

متعذر. كيف لا وهو أمر للإصطلاح والمواضعة فيه مدخل!!!

(( الباب الأول [في الأحكام الشرعية وتوابعها]))

(( من أبوب الكتاب في )) بيان (( الأحكام الشرعية و)) في بيان (( توابعها )) من الصحة والبطلان والفساد والجواز، والأداء والقضاء والإعادة، والرخصة والعزيمة.

فالأحكام الشرعية (( هي الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والإباحة )).(( وتعرف )) هذه الأحكام (( بمتعلقاتها )) وهي الأفعال الاختيارية الحقيقة الشرعية.

فالواجب في اللغة: الثبوت، والسقوط. قال تعالى {فإذا وجبت جنوبها }أي: سقطت. ويقال:وجب الأمر، إذا ثبت.

وفي الإصطلاح: (( هو ما يستحق ))أي: الذي يستحق المكلف

(( الثواب بفعله )).يخرج الحرام والمكروه.

(( والعقاب بتركه )). يخرج المندوب، والمباح، والمكروه _ ولو كان ذلك في بعض الأوقات _ فيدخل فيه: كل واجب، معينا كان أو مخيرا، فإن تاركه يستحق العقاب إذا ترك معه الآخر. وكذا فرض الكفاية فإن تاركه يستحق العقاب إذا لم يقم به غيره في ظنه.

(( والحرام، ويرادفه القبيح )) في عرف اللغة، واصطلاح العلماء (( بالعكس )) اللغوي. أي: مايستحق الثواب بتركه. يخرج الواجب والمندوب والمباح، والعقاب بفعله. يخرج المكروه.

ويقال لما عرف منه شرعا: المحظور. وعقلا: القبيح. فيدخل كل قبيح ولو قبح في حال دون حال، كأكل الميتة.

(( والمندوب )) في اللغة: المدعو إليه. يقال: ندبته لكذا فانتدب، أي: دعوته فأجاب . وسمي أتنفل بذلك لدعاء الشارع إليه.

وفي الاصطلاح: (( ما يستحق الثواب بفعله )) .يخرج الحرام والمكروه والمباح.

(( ولا )) يستحق (( عقاب في تركه )). يخرج الواجب.

(( والمكروه بالعكس )) اللغوي، وهو: ما يستحق الثواب بتركه، يخرج الواجب والمندوب والمباح، ولا يستحق عقاب في فعله، يخرج الحرام.

Page 5