146

إن الذين يخشون ربهم بالغيب

[الملك: 12]، وقوله:

من خشي الرحمن بالغيب وجآء بقلب منيب

[ق: 33].

مفهوم الغيب وأثره:

وأما الغيب فما غاب عن علمك، واختلف المفسرون في كونه هنا صفة للمؤمن أو المؤمن به. وعلى الأول فقوله بالغيب حال من الضمير في يؤمنون - كما سبق - أي يؤمنون غائبين ومتعلق الإيمان غير مذكور لعلمه من سائر الأدلة، واستدل له الزمخشري في كشافه بما أخرجه سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم وابن الضباري والحاكم وصححه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إن أمر محمد كان بينا لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم قرأ: { الم ذلك الكتاب لا ريب فيه.. إلى قوله.. المفلحون } ، ومن هذا الباب قوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز:

ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب

[يوسف: 52].

وعلى الثاني فالغيب هو متعلق الإيمان، واختلف فيه، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه ما جاء منه - أي من الله جل ثناؤه -. أخرجه عنه ابن جرير وأخرج عنه وعن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن الغيب ما غاب عن العباد من أمر الجنة وأمر النار، وما ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصل كتاب أو علم كان عندهم، وهذا مبني على أن هذا الوصف خاص بمؤمني العرب كما سيأتي.

وأخرج ابن جرير أيضا عن زر بن حبيش قال: الغيب؛ القرآن، والظاهر أنه يعني بذلك ما حواه القرآن من أمور غيبية. وعن قتادة أن المراد به الجنة والنار والبعث بعد الموت ويوم القيامة.

Unknown page