45

Ibn Ḥazm ḥayātuh wa-ʿaṣruhu ārāʾuhu wa-fiqhuhu

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Publisher Location

القاهرة

أول كتاب ألفه وأنه ألف بين سنة ٤١٨، ٤٢٢ ولكنا لا نجد دليلا على القضيتين فلا نجد دليلا على أنه أول ما ألف، ولا نجد دليلا على تعيين ذلك ولكنه على أى حال كتب فى صدر حياته كما سنبين فى موضعه إن شاء الله تعالى ..

٥٢ - ولقد كان ابن حزم ينتقل إلى البلاد بين الشاطبة، والمرية وقرطبة، وبلنسية يدرس ويدارس ويختلب بآرائه وببيانه نفوس الشباب وقد كان له أثر واضح فى تفكيرهم، حتى إن الباجى الذى التقى به فى ميورقة، قال عنه المقرى: (( لما قدم الأندلس وجد اكلام ابن حزم طلاوة إلا أنه كان خارجاً عن المذهب ولم يكن بالأندلس من يشتغل بعلمه، فقصرت ألسنة الفقهاء عن مجادلته وكلامه واتبعه على رأيه جماعة من أهل الجهل، وحل بجزيرة ميورقة فرأس فيها واتبعه أهلها، فلما قدم أبو الوليد كلموه فى ذلك فدخل إليه وناظره، وشهر باطله، وله معه مجالس كثيرة))(١).

وهذا الخبر له عدة دلائل :

أولها: أنه يعين السنة التى كان فيها ابن حزم فى ميورقة فإنها كانت سنة ٤٤٠، لأن الباجى الذى ارتحل إلى الشرق وتعلم فيه علم الكلام والجدل والفقه والحديث وغيره عاد إلى ميورقة سنة ٤٤٠ وقد غادر الأندلس فى السادسة والعشرين بعد الأربعمائة وعاد بعد ثلاث عشرة سنة أى سنة ٤٣٩.

وثانيها: أنه يدل على أن ابن حزم كان انتقاله إلى ميورقة، لأن له بها تلاميذ وأصدقاء، وأن مذهبه وتفكيره قد كان لهما مجيب بين أهلها.

وثالثها: أنه يلحن بحجته على العلماء والفقهاء، لأنهم كانوا عاكفين على الفروع لا يدرسون سواها، وهو كان يغلب عليهم بثقافته الواسعة، ويلحن عليهم بحجته البالغة.

ويدل ذلك الخبر فوق هذا على أنه لم يكن فى ميورقة مضيقا عليه فى فكره أو رأيه، بل كان يتحدث بما يريد ولا يضيق عليه ذو سلطان إذ كان يناقش مناقشة حرة، ولم يدون التاريخ تلك المناظرات وهذه المجالس لنستطيع أن نقرر أى المجادلين من أبى الوليد الباجى وابن حزم كان على حق.

(١) نفح الطيب الجزء السادس ص ١٧٦ طبع فريد الرفاعى

45