265

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Genres

" وقد بعث النبى، صلى الله عيه وسلم فجانى صناديد قريش فقالوا يا أبا بكر يتيم أبى طالب يزعم أنه نبى. قال فجئت إلى منزل النبى، صلى الله عليه وسلم، فقرعت عليه فخرج إلى، فقلت يا محمد تركت دين آبائك؟ فقال يا أبا بكر إنى رسول الله إليك وإلى الناس كلهم، فآمن بالله. قلت وما دليلك؟ قال الشيخ الراهب الذى لقيته باليمن. قلت وكم من شيخ لقيته؟ قال ليس ذلك أريد إنما أريد الشيخ الذى أفادك الأبيات. قلت ومن أخبرك بها؟ قال الروح الأمين الذى كان يأتى الأنبياء قبلى. قلت مد يمينك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال أبو بكر فانصرفت وما فى الأرض أشد منه، صلى الله عليه وسلم، فرحا بإسلامى، بل قال وما بين لابتيها، يعنى ما بين أرضى مكة ذواتى حجارة سوداء ".

{ يتلو عليهم آياتك } التى تنزل عليه، أجابهم الله بمحمد والقرآن فهو الآيات التى طلبا سواء علما علما بالقرآن أو لم يعلما به على حد ما مر فى الرسول وكذا الكلام فى قوله { ويعلمهم الكتاب } فان الكتاب هو القرآن، وإنما ذكر الكتاب بعد ذكر الآيات، لأن الآيات ذكرهن فى التلاوة عليهم، والكتاب ذكره فى التعليم لهم، ويجوز أن تكون الآيات سائر الوحى، والكتاب القرآن علماه أو لم يعلماه، أو الآيات لفظ القرآن، والكتاب معانى القرآن، فالتلاوة صون لألفاظه عن التحريف، والتعليم بيان لمعانيه.

{ والحكمة } وضع الأشياء فى مواضعها، وقال قتادة هى السنة، وهو قول راجح حسن، ووجهه أن الله تعالى ذكر تلاوة القرآن وتعليمه، ثم عطف الحكمة عليه، فوجب أن يكون المراد بها شيئا آخر وليس ذلك إلا السنة، وقيل الحكمة الإصابة فى القول والعمل، ولا يسمى الرجل حكيما إلا إن اجتمع فهي الإصابة فى القول والإصابة فى العمل، وهذا قريب من قولنا وضع الأشياء فى مواضعها، وروى ابن وهب عن مالك أن الحكمة الفقة فى الدين، والفهم الذى هو سحية من الله ونور منه تعالى. وروى عن ابن وهب أنه قال قلت لمالك ما الحكمة؟ قال المعرفة بالدين، والفقه فيه، والاتباع له، ونقل عياض فى مداركه عن مالك أن الحكمة نور يقذفه الله فى قلب العبد. وقال أيضا يقع فى قلبى أن الحكمة الفقه فى دين الله، وأمر يدخله الله القلوب من رحمته وفضله، وقال أيضا الحكمة التكفر فى أمر الله والاتباع له، والفقه فى دين الله والعمل به، وقيل الحكمة ما يرد عن الجهل والخطأ وذلك بالإصابة فى القول والعمل، ووضع كل شئ فى موضعه، وقيل معرفة الأشياء بحقائقها، وقيل ما تكمل به النفس من المعارف والأحكام، وقيل العلم بأحكام الله تعالى التى لا يدرك علمها إلا ببيان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمعرفة بها، وقيل فهم القرآن، وقيل كل صواب من القول، وقيل الفصل بين الحق والباطل، وقيل معرفة الأحكام والقضاء، وقيل كل كلمة وعظتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهى حكمة. { ويزكيهم } يطهرهم من الشرك والخبائث والمعاصى، اعتقادا ونطقا وفعلا، وهذا كقوله تعالى

ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث

وقيل يأخذ زكاتهم

خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها

ويجوز أن يكون المعنى ينمى خيرهم بوعظه وإرشاده وقيل يزكيهم يشهد لهم بالوفاء يوم القيامة إن وفوا. { إنك أنت العزيز الحكيم } العزيز الذى يكون غالبا ولا يكون مغلوبا، ويقهر ولا يكون مقهورا عما أراد، وقيل العزيز الذى لا يناله أحد بسوء، وعن ابن عباس العزيز الذى لا يوجد مثله، وهذا موجود فى لغتنا البربرية ، تقول شئ عزيز إذا كان مرغوبا فيه أو حسنا قليل الوجود قيل العزيز القوى، والعزة القوة، وأرض عزاز قوية صلبة، والحكيم الذى يضع الأشياء فى مواضعها، وقيل المراد الذى لا تخفى عنه خافية، وقيل الفاعل لما يريد المحكم له المتقن غاية الإتقان، ولا يكون فى صنعه خلل وذلك منهما، عليهما السلام، ثناء على الله، عز وجل، بعد دعائهما.

[2.130]

{ ومن يرغب } هذا استفهام نفى وإنكار واستبعاد، أى ولا يرغب { عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه } أى أهانها بتعرضها للعذاب حين عصى الله، عز وجل، وسفه لازم، وإنما تعدى لتضمن معنى أهان كما علمت أو أذل أو أهلك أو خسر، كما فسره ابن عباس به، أو جهل فإن من عصى الله، جل وعلا، كأنه جهل نفسه مخلوقة الله واجبا عليها عبادته، وقد جاء من عرف نفسه فقد عرف ربه، أوحى الله سبحانه وتعالى إلى داود عليه السلام اعرف نفسك واعرفنى. قال يا رب كيف أعرف نفسى وكيف أعرفك؟ قال اعرف نفسك بالعجز والضعف والفناء. واعرفنى بالقوة والقدرة والبقاء. قال المبرد وثعلب سفه بالكسر متعد، و سفه بالضم لازم، ويدل له، قيل ما فى الحديث الكبر أن تسفه الحق وتقمص الخلق. وروى الناس وذلك رواية التخفيف ولا دليل فيه لا حتمال التأويل بنحو أهان، وببعض أوج التأويل فى الآية والقمص الاستصغار، والغمط بالطاء التحقير. وقيل الأصل سفه بالرفع فنصب على التمييز المحول عن الفاعل على قول الكوفيين على جواز تعريف التمييز، كما قيل غين رأيه وألم رأسه وقول جرير

ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام

Unknown page