234

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Genres

" لا وصية لوارث "

بواسطة معاضدة قوله تعالى

يوصيكم الله فى أولادكم..

الآية للحديث. ويحتمل أن الشافعى لم يذكر ما يفهم منه نسخ القرآن بالسنة، لأن ظاهره بشع، وإن كان لا بشاعة بالنظر إلى أن الكل من الله وهو المحدث حقيقة، والرسول لا ينطق عن الهوى. وحكى أصحاب الشافعى عنه أنه لا تنسخ السنة بالكتاب فى أحد القولين، وهو المشهور عنه، ولا الكتاب بالسنة قيل جزما وقيل فى أحد القولين، ثم اختلفوا أيضا عنه، هل عدم جواز نسخ الكتاب بالسنة والعكس، بالسمع أو بالعقل فلم يجز ولم يقع وبعض استعظم منه منع نسخ أحدهما بالآخر. وما مر عن ابن السبكى دافع لمحل الاستعظام وهو الحكم بعدم نسخ كل للآخر، والاستعظام إنكار ذلك الحكم، ويجوز نسخ السنة بالسنة مطلقا على الصحيح، وقيل سنة الآحاد لا تنسخ سنة التواتر، ومن نسخ السنة بالسنة نسى حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قيل له الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا يجب عليه؟ فقال

" إنما الماء من الماء "

بحديث مسلم والبخارى

" إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل "

زاد مسلم فى رواية

" وإن لم ينزل ".

والشعب الأربع الساقان والفخذان، أو اليدان والرجلان، أو نواحى فرجها الأربع، ومعنى جهدها جامعها وهو بفتح الجيم والهاء واحد الجهد المشقة، كنى به عن الجماع لما يلزم عادة من الحركة التى شأنها المشقة، ويعنى أن الغسل واجب بمجرد الجماع ولو لم ينزل، وإنما قلنا بأن الثانى ناسخ للأول لما صح عن جابر رحمه الله أن الأول متقدم فى أول الإسلام، وكذا روى أبو داود وغيره عن أبى بن كعب أن الفتية بضم الهاء التى كانوا يقولون الماء من الماء رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أول الإسلام ثم أمر بالغسل بعدها. وقيل إن الماء من الماء فى الرؤيا، ولا يجوز نسخ النص بالقياس عندنا حذرا من تقديم القياس على النص الذى هو أصل له فى غير المسألة التى يدعى المدعى نسخها بالقياس مع أنها بالنص، فلتكن مسألة دعواه كذلك أصلا للقياس الذى يدعيه فلا تنسخ به، وقيل يجوز نسخ النص من حديث أو قرآن بالقياس، وصححته جماعة الشافعية لاستناد القياس إلى النص، فكأن النص هو الناسخ، بل زعم بعض أن النص هو الناسخ، ونقول ببطلان ذلك، لأن النص مقطوع به والقياس مظنون، ولو استند إلى النص ثم رأيت المنع للقاضى حسين من الشافعية، وأنه المعتمد فى مذهب الشافعية، وأنه مذهب أكثر الشافعية على وفق ما قلنا، ومثل له بعض الشافعية بما لو فرضها، وورد نص بيع الأرز متفاضلا، ثم ورد النهى عن الربا فى المطعومات، فإنه يقاس الأرز على غيره من بقية المطعومات، لاستنادة إلى نص وهو النهى عن بيع الربويات، وهذا على مذهبهم فى الربا، وقيل إن كان القياس جليا جاز نسخ النص به إلا إن كان خفيا لضعفه، والقياس الجلى ما قطع فيه بنفى الفارق من المقيس، والمقيس عليه والخفى بخلافه، ومثل الصبان للجلى بما لو فرض وورد النص بجواز الربا فى القرآن، ثم ورد نص بتحريم الربا فى العدس، فيقاس على العدس الفول لوجود اتخاذ الناس له طعاما وادخاره كالعدس، بل أكثر فى ذلك فيكون الحكم الثابت له بالقياس على العدس ناسخا لحكمه الأول، ومثل للخفى بما لو ورد النص بحرمة الربا فى العدس، ثم ورد بعد ذلك نص بجواز الربا فى الجلبان مثلا، فلو قيس عليه العدس لكان القياس خفيا لوجود الفرق بينهما فى عموم استعمال العدس دون الجلبان، وقيل يجوز نسخ النص بالقياس إن كان القياس فى زمانه صلى الله عليه وسلم وكانت العلة منصوصة، ومثل له الصبان بما لو ورد النص بجواز الربا فى الفول، ثم ورد بعد ذلك نص بحرمة الربا فى الحمص لأنه يستعمل مطبوخا فيقاس عليه الفول لوجود العلة فيه، ويكون الحكم الثابت له بالقياس ناسخا لحكمه الأول، ومثل له بعض بما لو ورد بيعوا الأرز بالأرز متفاضلا لأنه مطعوم، ثم ورد النهى عن الربا فى المطعومات، وهذه الأمثلة كلها على مذهب الشافعية فى الربا، وإن كانت العلة مستنبطة غير منصوصة لم يجز نسخ القياس للنص، لضعف القياس الذى علته مستنبطة، وكذا إن كان القياس بعد زمانه صلى الله عليه وسلم، لانتفاء النسخ بعده صلى الله عليه وسلم وقيل يجوز ولو كان بعده، لأنه يتبين بالقياس أن مخالفه وهو النص كان منسوخا فى زمانه، صلى الله عليه وسلم، بالنص الذى استند إليه القياس، ولا يجوز نسخ القياس الموجود فى زمانه، صلى الله عليه وسلم، أو بالنص قياس بعده، لأنه مستند إلى نص فيدوم بدوام النص.

Unknown page