من مارج من نار
أو قيل المارج اللهب الخالص عن الدخان وقال الله تبارك وتعالى حكاية عن عدوه
خلقتنى من نار
وحقيقة النار والنور واحدة، وهى الجوهر المضىء، غير أن ضوء النار مكدر بالدخان مستور به. فإذا كانت النار مصفاة عن الدخان كانت محض نور، وإلا تزايل الدخان حتى ينطفئ نورها، ويبقى الدخان الخالص، وأصل النور مطلقا الإحراق والحرارة، ألا ترى الشمس والقمر كيف كانت فيهما الحرارة؟ ألا ترى النار؟ ألا ترى ما وردت فى الأحاديث من أن الأنوار تحرق، كموسى حين قصة طلب الرؤية، لولا الله لاحترق بالأنوار، وجبريل حين وصل موضعا فوق السماء السابعة فوقف وقال لو دخلته لاحترقت، وذلك ليلة الإسراء... والله سبحانه وتعالى أعلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" خلقت الملائكة من نور، وخلق الجن من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم "
رواه مسلم عن عائشة - رضى الله عنها - وروى عن ابن عباس والحسن إن إبليس أبو الجن، كما أن آدم أبو البشر، ولم يكن قط ملكا. قال الحسن واسمه الحارث وقال شهر بن حوشب كان من الجن الذين كانوا فى الأرض وقاتلتهم الملائكة فسبوه صغيرا، فتعبد مع الملائكة وخوطب معها، وحكاه الطبرى عن ابن مسعود. وزعم الطبرى أن الراجح قول من قال إن إبليس كان من الملائكة، وقال ليس فى خلقه من نار، ولا فى تركيب الشهوة والنسل فيه، حين غضب عليه ما يدفع أنه كان من الملائكة وقوله عز وجل
كان من الجن
معناه أنه عمل عملهم. بل الملائكة قد تسمى جنا لاستتارهم. قال الأعشى فى سليمان عليه السلام
وسخر من جن الملائك أنفسا قياما لديه يعملون له جرما
قال عياض ومما يذكرونه قصة إبليس وأنه كان من الملائكة ورئيسا فيهم ومن خزان الجنة، وهذا لم يتفقوا عليه، بل الأكثر ينفون ذلك ويقولون إنه أبو الجن. وإن قلت قد أسبقت أن لفظ إبليس عجمى، فليس مشتقا من الإبلاس، بمعنى انقطاع الرجاء. أو بمعنى البعد عن الخبر. قلت نعم لكن روى عن ابن عباس أنه مشتق من أبلس بمعنى بعد عن الخير، أو بمعنى انقطع رجاه كقوله تعالى
Unknown page