276

Fiqh ashrāṭ al-sāʿa

فقه أشراط الساعة

Publisher

الدار العالمية للنشر والتوزيع

Edition

السادسة

Publication Year

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Genres

فإن قيل: فهل يعني ذلك أن الأحاديث الواردة في وصف الفتن ليس لها معنى معين (خاص) وانما هي أمور عامة مشتركة بين الأزمنة والأمكنة والأشخاص؟
فالجواب. لا .. فإن كل ما صحَ عن النبي ﷺ في فتنة من الفتن لا بدَّ واقع لا محالة كما أخبر؛ فإن كان المخبَرَ عنه أشخاصٌ يكونون في الأمة: ظهر أولئك الأشخاص بأعيانهم كما أخبر؛ وعندها يعرفهم الناس بالعلامات الدالَّة عليهم الواردة في النصوص في وصفهم؛ كذي الثديَّة المذكور في قتال الخوارج (١)، والدجال وغيرهما.
وإن كان المذكور في النص أحوالٌ وأوصافٌ للناس عامة أو لبعضهم خاصة، أو للأزمنة أو الأمكنة: وقعت تلك الأوصاف، واستحكمت، وغلبت حتى تكون مطابقة لما ورد، فيعرفها الناس حينئذٍ، كما في "الصحيحين" من حديث حذيفة ﵁ قال: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ

(١) وكان النبي ﷺ قد أخبر أصحابه ﵃ عن صفات الخوارج، فقال: "لا والذي نفسي بيده! ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"، قالوا: فهل من علامة يُعرفون بها؟ قال: "فيهم رجلٌ ذو يُدَيَّة أو: ذو ثُدَيَّة محلقي رءوسهم"، ولما قاتلهم أمير المؤمنين علي ﵁ بالنهروان التمس هذا الرجل الذي نعته النبي ﷺ فوجده في حفرة مما يلي الأرض في أربعين أو خمسين قتيلًا، فلما وجده وفق نعت النبي ﷺ كَبَّر، وقال: "صدق رسول الله ﷺ". وانظر: "البداية والنهاية" (٧/ ٢٩٠ - ٣٠٥).

1 / 276