والوزير 1600 جنيه
في كوبنهاجن (دنمركا) [الكناس] 150 جنيها
والوزير 900 جنيه
في ستوكهلم (سويد) [الكناس] 210 جنيهات
والوزير 1300 جنيه
وواضح أن قلة التفاوت هنا تؤدي إلى الرضا، في حين أن عظم التفاوت عندنا بين مرتب الوزير وأجرة الكناس في المجلس البلدي يؤدي إلى السخط؛ أي: الكظم فالإجرام، والمقارنة هنا رمزية؛ لأننا نقصد منها إلى أن هناك آلاف الأفراد الذين يحصلون على مرتب رئيس الوزارة وملايين الأفراد الذين يحصلون على أجرة الكناس، والإجرام يقع من الأفراد الساخطين الكاظمين بين هؤلاء الملايين، ولا يقع من أولئك المرفهين الراضين الذين يحصل كل منهم على نحو عشرة جنيهات في اليوم. (3)
ويجب أن تتوافر الاهتمامات للشبان والفتيان، وعندي أن الفرق في أغلب الحالات بين الشخص الطيب الذي لا يأكل نفسه بالحقد والكظم وبين الشخص السيئ الذي يتحرى الإيذاء هو أن الأول كثير الاهتمامات اللذيذة التي تملأ نفسه وتشغل ذهنه فتتبدد أحقاده وتتشتت كظومه، أما الثاني فمكظوم لم تنفرج كظومه، فهو يحمل هموما ولا يشتغل باهتمامات، وقد تكون هذه الاهتمامات مسليات سخيفة عند البعض، وهي تضر هذا الشخص الذي يمارسها لأنها تبعثر ذكاءه ومواهبه وإن كانت تمنعه من الأذى، والمجتمع الحسن هو الذي يهيئ لأفراده الاهتمامات العالية النافعة كالثقافة بالكتاب والجريدة، وكالأندية والألعاب الرياضية، والتنزه على الشواطئ والسياحة، إلخ؛ أي: يجب على المجتمع الحسن أن يساعد الذات الاجتماعية والذات العليا على أن تتوافر لهما وسائل الحياة والقوة. (4)
وواضح أننا لا نستطيع أن نهمل القدوة والإرشاد مدة الطفولة؛ لأن الإجرام قد يكون في النهاية أسلوبا عاطفيا تعلمه الطفل من أبويه ولا يستطيع الإقلاع عنه، وقد صارت كمالا - الفتاة الهندية التي أرضعتها ذئبة فنشأت معها وأخذت بأسلوبها - ذئبة في كل شيء إلا هيئة الوجه، ونسيت إنسانيتها الفطرية حتى القوام تغير فصارت تجري على أربع كالذئبة، وأذكر هنا الطفل المدلل الذي لا يطيق المعارضة من أحد ويأبى إلا أن يتسلط على غيره وتكون له الكلمة الأولى، وما يؤدي هذا إلى عناد فانتقام، وأذكر الطفل المضطهد وألوان الخبث التي تعلمها في طفولته كي يتقي بها هذا الاضطهاد، وهذا الأسلوب الذي تعلمه كل منهما يعيش معه سائر حياته ويؤذيه كما يؤذي المجتمع، وهنا يجب أن نذكر أن بعض الولايات المتحدة تعد «العود» في الجريمة في عائلة المجرم وليس في شخص المجرم وحده؛ وذلك لأنها تجد أن عائلة المجرم مسئولة عن إجرامه، وأنه أخذ بأسلوب الجريمة منها.
والخلاصة أننا يجب في معالجة الجريمة أن نستبدل الطبيب السيكلوجي الاجتماعي بالقاضي الجنائي، ويجب أن ندرك أن المجرم ثائر بلا ثورة معينة، متوتر النفس في غير حق أو بحق، لا يعترف به مجتمعه (انظر فصل الشخصية السيكوبائية). (5)
كي نتقي الجريمة يجب أن نتجنب في تربية الطفل تدليله أو اضطهاده، ويجب ألا نسأم من تكرار ذلك.
Unknown page