132

Caqli Wa Caqlak

عقلي وعقلك

Genres

وواضح أن الذات الأولى هي أرسخ وألح الذوات في ضميرنا؛ لأنها هي الذات الفطرية الأولى؛ أي: الذات الحيوانية الكامنة، وهي لا تكاد تقبل تعليما أو تعديلا؛ ولذلك يؤدي حرماننا من الطعام أو الأنثى أو السيطرة إلى الإجرام، وكلمة السيطرة هنا تعني أشياء كثيرة، كالحصول على المال والمقام والوجاهة، والشعور بالرغبة في الانتقام عندما نجد الإهانة أو الحط من مكانتنا، إلخ، وعندما نكون تحت سلطان الخمر أو أي مخدر آخر تسفر الذات البيولوجية وتخمد الذات الاجتماعية والذات العليا، وكلنا يعرف مثلا أن المجرم يلجأ أحيانا إلى الخمر كي يخمد أو يميت هاتين الذاتين الأخيرتين، وهو ينجح في ذلك، فيعود عقب الشراب وليس به سوى الذات البيولوجية فيسلك سلوك الحيوان.

وكي نتقي الجريمة يجب أن: (1)

نعمل على توفير الحاجات للذات البيولوجية، بإيجاد نظام التكفل الاجتماعي، فلا يجوع أحد لأنه متعطل، بل ينظم المجتمع بحيث لا يكون به تعطل بتاتا، وإذا وجد - وهذا نفسه مرض - فإنه يحب أن يؤدى تعويض للمتعطل على تعطله حتى يجد العمل، وكذلك ينظم الزواج بحيث يكون مستطاعا حوالي العشرين من العمر، وليس هذا شاقا إذا عممنا تعليم الفتاة حتى تعمل إلى جانب زوجها عملا كاسبا، وإذا عممنا وسائل منع الحمل حتى لا يرهق الزوجان في سن مبكرة بكثرة الأولاد، وليس في العالم أمة متمدنة تهمل في أيامنا التكفل الاجتماعي، فإن الدولة تعنى بالصحة والتعليم وتغذية التلميذ في المدرسة، وهي تئوي المريض في المستشفى وتؤدي تعويضا عن التعطل وتمنح الحامل أجرة كاملة في الأسابيع الأخيرة للحمل وعقب الوضع، كما أنها تمنح المسنين معاشا إلخ.

وهذا التكفل الاجتماعي يشبع الذات البيولوجية ويبعث الطمأنينة والرضى فتقل الجرائم، وإلى الآن لا تعرف مصر هذا التكفل، ومن ينصح به ينبز بالشيوعية من المستغرضين أو من البله والمغفلين. (2)

يجب أن يقل التفاوت الاجتماعي (الاقتصادي) بين السكان حتى يقل الكظم، فلا يعيش إنسان بثلاثة قروش في اليوم ويعيش آخر بثمانمائة جنيه في اليوم، كما هي الحال في مصر، وإني أذكر هنا أجور الكناسين الموظفين في المجالس البلدية في بعض مدن أوروبا إلى جنب أجور الوزراء، فهي في السنة (من إحصاء 1930):

في لندن

الكناس 145 جنيها

والوزير 5000 جنيه

في برن (بسويسرا)

الكناس 223 جنيها

Unknown page