212

Awraqi

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Genres

العالم يحتفل بعيد الثورة الرابع وأنا أختنق، أصابع غليظة تلتف حول عنقي في الليل، أحاول أن أصرخ، صوتي لا يطلع كما يحدث في الحلم، أفتح فمي طلبا للهواء، أشهق بصوت مكتوم، كنت أفضل الموت على أن يسمع صوتي أحد.

في حياة النساء كان الموت أفضل من الاستغاثة، المرأة في الشقة المجاورة كانت تستغيث، أسمع صوتها في الليل وأنا نائمة، يفتح الجيران نوافذهم يسمعون صوتها. امرأة أخرى تستغيث في العمارة المجاورة، في الصباح أسمع الناس يتهامسون.

أب يضرب ابنته؛ لأنها تأخرت في الليل، رجل يضرب زوجته؛ لأنه وجد حصوة في صحن الأرز، زوج يقتل زوجته؛ لأنه يشك في سلوكها، يتهامس الناس: وما له؟ الشرف فوق كل حاجة، كل رجل حر في بيته، الرجال قوامون، ربنا قال: «واضربوهن»، بنات حواء، ربنا قال:

إن كيدكن عظيم .

يغلق الجيران نوافذهم وينامون، تصحو المرأة على الفضيحة، سيرتها على كل لسان، تكف بعد ذلك عن الاستغاثة. لم أصرخ تلك الليلة، منذ الطفولة لم ألجأ إلى الصراخ حين يقترب الموت، كنت أفكر في طرق المقاومة أو الهرب. •••

منذ صيف عام 1956 حتى صيف عام 1960 فقدت جزءا من ذاكرتي، أربعة أعوام كاملة نسيت ملمس الأصابع الغليظة حول عنقي، سقطت في العدم كأن لم تكن، لم يبق منها إلا ظلال سوداء فوق جدار أسود، ثم اختفت هذه الظلال أيضا وراحت في العدم.

في النوم وأنا غائبة عن الوعي، تبدأ الظلال في الظهور من بطن الخضم الأسود مثل قمة جبل الثلج تحت الماء.

إهدار الدم

بداية عام 2000.

القلم بين أصابعي والصفحة تحت يدي بيضاء، مساحة من الفضاء تنتظر كلماتي، النافذة مفتوحة أمامي على السماء، أحملق في مساحات من الخواء، أبحث عما كان أبي يقول إنه الحقيقة. منذ الطفولة كنت أجادل أبي، لم يكن عقلي يقبل أي شيء دون برهان، يغضب أبي ويقول: هناك حقائق ليس لها برهان، يرمقني بنظرة حمراء لأكف عن الجدل، ولم يكف عقلي عن التساؤل.

Unknown page