Al-Thalāthūn min al-mashyakha al-Baghdādiyya li-Abī Ṭāhir al-Salafī
الثلاثون من المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي
Publisher
مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
٢٠٠٤
Genres
مِنْ فَوَائِدِ أَبِي عُمَرَ بْنِ حَيَّوَيْهِ
أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ السَّرَّاجِ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ بِمَدِينَةِ السَّلامِ لَيْلا، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاتِبُ، نا مَيْمُونُ بْنُ هَارُونَ الْكَاتِبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: انْحَدَرْتُ مِنْ سُرَّ مَنْ رَأَى مَعَ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخِي إِسْحَاقَ وَدِجْلَةُ تَذْخَرُ بِكَثْرَةِ مَا بِهَا فَلَمَّا أَنْ سِرْنَا سَاعَةً، قَالَ: أدِقُّوا بِنَا ثُمَّ دَعَا بِطَعَامِهِ فَأَكَلْنَا ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَى فِي النَّبِيذِ، قُلْتُ لَهُ: أَعَزَّكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ هَذِهِ دِجْلَةُ قَدْ جَاءَتْ بِمَدٍّ عَظِيمٍ يُرْعِبُ مِثْلَهُ، وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْزِلِكِ مَبِيتُ لَيْلَةٍ فَلَوْ شِئْتَ أَخَرَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: لا بُدَّ لِي مِنَ الشُّرْبِ فَضُرِبَتْ سِتَارَةٌ، وَانْدَفَعَتْ مُغَنِيَّةٌ تُغَنِي ثُمَّ انْدَفَعَتْ أُخْرَى فَغَنَّتَ:
يَا رَحْمَةً لِلْعَاشِقِينَا ... مَا إِنْ أَرَى لَهُمْ مُعِينَا
كَمْ يُشْتَمُونَ وَيُضْرَبُونَ ... وَيُهْجَرُونَ فَيَصْبرِونَا
فَقَالَتْ لَهَا الْمُغَنِيَّةُ الأُولَى: فَيَصْنَعُونَ مَاذَا؟ قَالَتْ: يَصْنَعُونَ هَكَذَا، فَرَفَعَتِ السِّتَارَةَ، وَقَذَفَتْ بِنَفْسِهَا فِي دِجْلَةَ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ غُلامٌ ذَكَرَ أَنَّهُ شَرَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ بِيَدِهِ مَزَبَّةٌ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ فَوَضَعَ الْمَزَبَّةَ، وَقَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ وَهُوَ، يَقُولُ: أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي بَعْدَ الْقَضَاءِ لَوْ تَعْلَمِينَا.
فَأَرَادَ الْمَلاحُونَ أَنْ يَطْرَحُوا أَنْفُسَهُمْ خَلْفَهُمَا، فَصَاحَ لَهُمْ مُحَمَّدٌ دَعُوهُمَا يَغْرَقَا إِلَى لَعْنَةِ اللَّهِ.
قَالَ: فَرَأَيْتُهُمَا، وَقَدْ خَرَجَا مِنَ الْمَاءِ مُعْتَنِقَيْنِ ثُمَّ غَرِقَا
حَدَّثَنِي مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ نُصَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْوَكِيعِيَّ، يَقُولُ: كَانَ لأَبِي صَدِيقٌ هَاشِمِيٌّ فَجَاءَهُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: لَوْ رَأَيْتَ مَا نَزَلَ بِكَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَنْ كَانَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ طَلَبْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَلَمْ يكَنْ، فَخَرَجْتُ إِلَى الصَّحْرَاءِ أَطْلُبُهُ فَلَمَّا بَصُرَ بِي تَرَكَنِي وَمَضَى، فَأَسْرَعْتُ خَلْفَهُ فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي قَدْ قَرُبْتُ مِنْهُ أَقْبَلَ يَقُولُ: مَعْرِفَةُ النَّاسِ دَاءٌ وَتَرْكُهُمْ دَوَاءٌ.
فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهَا ثُمَّ مَضَى فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَدِقٌ
أَنْشَدَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى:
وَمَا كَيَسٌ فِي النَّاسِ يُحْمَدُ رَأْيُهُ ... فَيُوجَدُ إِلا وَهْوَ فِي الْحُبِّ أَحْمَقُ
وَمَا مِنْ فَتًى مَا ذَاقَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ ... فَيَعْشَقُ إِلا ذَاقَهَا حِينَ يَعْشَقُ
أَنْشَدَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْشَدَنَا بَعْضُ أَصْدِقَائِنَا:
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الشَّيْءَ خَدْنًا وَلا أَخًا ... وَلَكِنَّنِي أَرْضَى بِهِ حِينَ أَخْرُجُ
فَإِنْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ سَمَاجَةٌ ... فَقَدْ صَدَقُوا وَالذُّلُّ بِالْحُرِّ أَسْمَجُ
آخِرُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ وَآلِهِ وَسَلامَتِهِ
1 / 29