134

ولو لم تكن وحدات الوجود «بسائط» لكانت المركبات كلها أعراضا وهو محال، فلا يكون جوهرا إلا ما هو بسيط، ولا يكون المركب موجودا وجودا صحيحا إلا باشتماله على هذه البسائط أو الوحدات.

وقد امتاز ليبنتز بحسن تلخيصه للبراهين المثبتة لوجود الله، فمن تلخيصاته أنه قسم المقررات إلى وقائع زائلة وحقائق أبدية كالحقائق الرياضية ، فاستدل من دوام الحقيقة على حق دائم هو الله، ومن التلخيصات أن وجود الممكنات لا يشتمل على سبب كاف لتعليل وجودها، فنحن نسأل لماذا وجد العالم؟ فلا نفهم لذلك علة كافية إلا إذا تعلق الأمر بخالق واجب الوجود، شاء له أن يوجده لحكمة تحسن بواجب الوجود. •••

وأكبر الفلاسفة الذين ظهروا في الجزر البريطانية بعد بركلي هو دافيد هيوم 1711-1776 ولعله أكبر الفلاسفة المحدثين في القارة الأوروبية.

والشك في الحواس وفي طاقة العقل الإنساني هو سمة هيوم في كل ما كتب من المباحث الفكرية، ورأيه في وجود الله يوافق هذه السمة الغالبة عليه، فهو يرى أن إثبات وجود الله لم يكن رغبة من رغبات العقل، ولكنه رغبة كبرى من رغبات الضمير والشعور، فالأسباب التي تشكك الفيلسوف في الإيمان هي بعينها أسباب المتدين التي تبعثه إلى الإيمان، وهي الشكايات والآلام والشرور، وقد تعلق البشر بالله لأنهم يعتصمون بالرجاء وينشدون السعادة، وكلاهما باعث أصيل في النفس الإنسانية، فليكن هذان الباعثان مناط الإيمان بوجود إله قادر على الإسعاد وتلبية الرجاء.

وقد عرضنا لرأي جون ستيوارت مل في موضع آخر من هذا الكتاب، فلم يبق في الفترة التي بين فلسفة هيوم وفلسفة المعاصرين من هو أولى بتلخيص رأيه من ريد الذي ولد في أوائل القرن الثامن عشر 1710، وهاملتون الذي ولد في أواخره 1788.

ويبني ريد فلسفته على الحقائق اللدنية التي يقرها الإدراك السليم

Common Sense

ولا تحتاج إلى برهان، ومنها وجود المدركات وهي العالم الخارجي، ووجود القوة المدركة وهي النفس الإنسانية، فلا يمكن عقلا أن يكون أساس الوجود أكذوبة أو أن يكون «الوجود» غير موجود إن أدركناه على غير حقيقته الخفية، ووجود العالم ووجود النفس هما الدليل على وجود الله، بل وجود الله حقيقة من حقائق الإدراك السليم، وليست بساطة الاستدلال على الصانع من صنعه مضعفة من قوة الدليل؛ لأن الحقائق لا تكتسب القوة بالتنويع والتركيب، بل أبسطها هو في الواقع أقدمها وأغناها عن الزخرفة والاختراع.

وهاملتون يبني فلسفته في الدين على فلسفته في أصول المعرفة، وخلاصتها أن الإدراك موقوف على الكيفية، فلا يقبل الإدراك ما ليست له كيفية

Unconditioned

Unknown page