الدليل الأول: من الأدلة القرآنية:
وهذا النص الآتي له ميزة كونه من آخر ما نزل في موضوع الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قوله تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم}.
ووجه الدلالة هنا أن غزوة تبوك كانت في السنة التاسعة من الهجرة بعد العودة من حصار الطائف وكان عدد جيش المسلمين فيها ثلاثين ألفا على أرجح الروايات، كان المهاجرون والأنصار فيهم قلة، ومع ذلك لم يأت الثناء إلا على المهاجرين والأنصار كما هو واضح في الآية الكريمة من سورة التوبة التي هي آخر سور القرآن الكريم نزولا.
والسؤال: لماذا لم يخبرنا الله عز وجل أنه قد تاب على كل جيش النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم تبوك؟!
الجواب يبدو واضحا أن تخصيص الله عز وجل ل(المهاجرين والأنصار) بالتوبة يتفق مع ما ذهبنا إليه من أنهم هم الصحابة الصحبة الشرعية؛ التي نزلت فيها آيات الثناء، وهم الذين نجزم بأن الله راض عنهم، وأنه تاب عليهم، أما غيرهم ممن أتى بعدهم (بعد صلح الحديبية)، فلا نستطيع الجزم بالتوبة عليهم اتباعا للآية الكريمة فهي من آخر الآيات نزولا في موضوع الصحابة، وإنما نرجو لهم ذلك خاصة من اضطربت سيرته من هؤلاء، أو نسكت عنهم، كما سكت الله عنهم، فمن ظهر صلاحه أو ثبت له ذلك بدليل خاص فنرجو له أكثر من غيره ممن لم يظهر صلاحه وحسن سيرته، ومن أساء السيرة فنخشى عليه.
Bogga 73