345

Safwat Casr

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Noocyada

حفظه الله وأبقاه وأكثر من أمثاله العاملين الغيورين المجاهدين في سيبل الإصلاح.

ترجمة جناب الأب المحترم والوطني الغيور القمص بولس غبريال

جناب الأب المحترم والوطني الغيور القمص بولس غبريال خادم كنيسة العذراء بحارة الروم.

كلمة للمؤرخ

اشتهر هذا الأب الفاضل بالوطنية العالية، والعزيمة الماضية، والثبات على المبدأ، والصراحة في كل ما يراه عائدا لخير البلاد، وطالما جاهر بصراحته المعهودة وجرأته النادرة، وإليه يرجع الفضل في ربط عرى الاتفاق بين العنصرين المتآلفين بما كان يبديه من صائب الحكم والنصائح الثمينة، وإنا نسطر تاريخه المجيد بقلم الفخر والإعجاب، سائلين الحق أن يكثر من أمثاله بين رجال الدين لخير البلاد ونفع العباد.

مولده ونشأته

القمص بولس هو ابن القمص غبريال بشارة رئيس كنيسة العذراء بحارة الروم، ولد بمصر القاهرة في شهر بابه سنة 1594 للشهداء أكتوبر سنة 1878 ميلادية، وبعد أن شب على التعاليم الدينية رسم شماسا للكنيسة المذكورة، وقد أتم دراسته بمدرسة الأقباط الكبرى سنة 1895م، وبأمر غبطة البابا المعظم ألحق بالمدرسة الأكليريكية «صوت اللاهوت» في أول نشأتها، وأتم دراسة اللاهوت ونال جائزته سنة 1900، فعين ناظرا لمدرسة الأقباط بالسويس وواعظا لكنيستها، ثم استدعاه غبطة البابا المعظم لمزاولة الوعظ بمصر بكنيسة العذراء بحارة الروم، وابتدأ إذ ذاك عهده بالإصلاح الطائفي ففي أكتوبر سنة 1901 تعين وكيلا لمدرسة التوفيق، ومدرسا للدين واللغة القبطية فيها، وفي سنة 1902 اشترك مع منشئ جمعية الإيمان المركزية لنشر الوعظم والإرشاد، ومارس الوعظ بها وبجمعية التوفيق وبجامعة المحبة، وفي سنة 1907 انتدب من قبل اللجنة الملية رئاسة سعادة مرقس سميكة باشا، وعضوية المرحوم يوسف منقريوس بك لاتخاذ الطرق لتعميم تعليم الدين المسيحي بمدارس الحكومة، وبفضل سعي جناب القمص بولس تم تعميمه في مدارس القربية والمحمدية ومحمد علي وعابدين، وساعده في ذلك زعيم مصر الأمجد سعد زغلول باشا وكان وزيرا للمعارف إذ ذاك، ثم عين مدرسا بالقسم التجهيزي بمدرسة الأقباط الكبرى، ومدرستي البنين والبنات بحارة السقايين بمصر، وفي ديسمبر سنة 1909 تفضل غبطة البابا المعظم، ورسمه قسا على كنيسة العذراء بحارة الروم وفي سنة 1910 تعين عضوا أولا للمجلس الملي، وفي سنة 1914 تعين مندوبا بطريركيا لدى محافظة مصر ومديريتي الجيزة والقليوبية ، وفي هذه الأثناء قام بتجديد الكنيسة بحارة الروم، وأنشأ في الجهة البحرية منها كنيسة صغيرة باسم الشهيد الأمير تادرس الشطبي (كل ذلك على حسابه الخاص).

موقفه في خدمة الوطن

وفي سنة 1919 ظهرت بوادر الحركة الوطنية، فتقدم حضرته في أوائل الصفوف فرفع رأس الطائفة القبطية، وأعلا هامتها بين الطوائف المسيحية، فزادها فخرا إذ انتخب في لجنة الإدارة للجمعية العمومية رئاسة سعادة عثمان باشا مرتضى، وكفى الطائفة شرفا إذ أولاه الجمع المحتشد في دار رئاسة مجلس الوزراء (وكان يجمع كل مذاهب الأمة المصرية) شرف النيابة عنهم لدى دولة رشدي باشا، فتقدم بجرأة نادرة طالبا من دولته اعتراف الحكومة رسميا بوكالة الوفد المصري برئاسة سعد زغلول باشا في المفاوضات الرسمية، ولما احتدم الجدل بينهما خاطبه بقوله: (إن لم تخلص للأمة فقدم استعفاءك)، وطالما كان يرأس الوفود العديدة لزيارة دور الحماية والقنصليات مطالبا بحرية البلاد، وقد وقف نفسه على ذلك - ولما عقد الاجتماع في الأزهر الشريف كان حضرته أول من وطئت قدماه ساحة الأزهر الشريف، وافتتح الاجتماع بإبلاغ إخواننا المسلمين كلمة غبطة البابا المعظم، وهو أول من نادى بين جدران الأزهر ذلك المعهد الإسلامي المقدس مطالبا باتحاد العنصرين تنفيذا لإرادة الله ومشيئته، كما أمر بذلك الزعيم الجليل سعد زغلول باشا.

وتعانق القسيس والشيخ الجليل فأوضحا للنشء خير مثال، ثم انتخب عضوا في لجنة الدفاع عن الحرية السياسية برئاسة المغفور له البرنس عزيز حسن، وعضوا بلجنة التوفيق برئاسة البرنس محمد علي، وعضوا بلجنة منكوبي الأناضول برئاسة البرنس عمر طوسن، وعضوا بلجنة إدارة لجنة الاكتتابات للريفيين رئاسة سموه أيضا، وعضوا بلجنة مؤتمر الشرف بلوزان، وقد طاف صحبة فضيلة الأستاذ الشيخ القاياتي، والمغفور له المصري السعدي باشا بمديريات الوجه البحري لترويج الانتخابات الوفدية سنة 1923م، ولما أغلقت السلطة أبواب الجامع الأزهر في وجوه المجتمعين فتح أبواب كنيسته بحارة الروم على مصراعيها، رغم تهديده وإنذاره من السلطة مدة خمسة وأربعين يوما للخطابة تحت مسئوليته. وهو الذي تعهد مسجوني قصر النيل وألماظة بالزيارة مرتين في الأسبوع، وقد لاقى من جراء ذلك اضطهادات كثيرة إلا أنه قابلها بثبات، وقد وقف حياته لخدمة الوطن.

Bog aan la aqoon