مقدمات الكتب، كهذا الذي صنعه ابن الأثير، في مقدمة "النهاية" حين قضى على تأليف ابن الجوزي، في غريب الحديث، بأنه مسلوخ من كتاب أبي عبيد الهروي. قال ﵀:
" ولقد تتبعت كتابه، فرأيته مختصرًاَ من كتاب الهروى، منتزعًا من أبوابه، شيئًا فشيئًا، ووضعًا فوضعًا، ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة واللفظة الفاذة. ولقد قايست ما زاد في كتابه على ما أخذه من كتاب الهروى، فلم يكن إلا جزءًا يسيرًا من أجزاء كثيرة" (١) .
وأحب أن أشير إلى أن هذه المختصرات التي تشغل حيزًا كبيرًاَ من التأليف العربي، قد تجدُ فيها ما لست تجده في الأصول. ومن ذلك - وهو كثير - كتاب " مختار الأغاني في الأخبار والتهاني" لابن منظور صاحب " اللسان "، الذي اختصر به كتاب " الأغاني" لأبي الفرج الأصبهاني وقد طبع هذا المختصر في ثمانية أجزاء، وفي الجزء الثالث منه ترجمة موسعة (٢)، لأبي نواس، تضمنت أخبارًا وأشعارًا لأبي نواس، لا تجدهما في الأصل المختصر، وذلك أن لابن منظور كتابًا مفردًا لأخبار أبي نواس، وهو مطبوع.
وكذلك صنع ابن منظور، في ترجمة جميل بن معمر، حيث أورد له بعض أشعار وأخبار لم ترد في الأغاني (٣) .
_________
(١) النهاية ١/١٠.
(٢) استغرقت ثلاثمائة صفحة من هذا الجزء الذي حققه الأستاذ عبد العليم الطحاوي.
(٣) انظر هذه الصفحات ٢٣٧، ٢٣٨، ٢٣٩، ٢٥٠، ٢٥١، ٢٥٣، ٢٥٥، ٢٥٧، ٢٧٢ - من الجزء الثاني الذي حققه الأستاذ عبد الستار فراج، ﵀ ثم يقال بعد ذلك: إن الشرائح والمختصرين غير مبدعين ولا خلاقين! .
1 / 33