والظن باب منظور أن يكون قد فعل مثل ذلك، فيما اختصره من كتب التراث الأخرى، فقد كان مغرى باختصار كتب الأدب المطولة، كما يقول ابن حجر (١)، وقال صلاح الدين الصفدي: "ما أعرف في كتب الأدب شيئًا إلا وقد اختصره" (٢) . ومن مختصراته: مختصر مفردات ابن البيطار، في الأدوية، ولطائف الذخيرة - مختصر الذخيرة لابن بسام. ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر. ومختصر تاريخ بغداد للسمعاني. ومختصر الحيوان للجاحظ. ومختصر أخبار المذاكرة ونشوار المحاضرة للتنوخي.
ومن حديث المختصرات ما لاحظته، أنا وأخي الدكتور عبد الفتاح الحلو، في أثناء عملنا في تحقيق طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين ابن السبكى: أن الطبقات للمؤلف قد اشتملت على فوئد لم ترد في الطبقات الكبرى، بل إن فيها من التراجم ما لم يذكر أصلًا في الطبقات الكبرى (٣) .
وكتاب تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، فيه من التقييد والضبط، ما لست تجده في أصله: تهذيب التهذيب، للمؤلف نفسه، وقد احسن ناشرو تهذيب التهذيب، في دائرة المعارف العثمانية، بالهند، حين أنزلوا هذا الضبط والتقييد في حواشي الكتاب.
_________
(١) الدرر الكامنة ٥/٣١.
(٢) الوافي بالوفيات ٥/٥٦.
(٣) وإن كنا قد أنتهينا أخيرًا إلى أن الطبقات الوسطى، عمل مستقل، وأن المؤلف لم يقصد به اختصار الطبقات الكبرى. ولذلك حديث آخر.
1 / 34