وثالثة: واجب على طالب العلم أن يعرف فرق ما بين الطبعات (١)، فإن كثيرًا من كتب التراث قد طبع مرتين أو أكثر، وتتفاوت هذه الطبعات فيما بينها؛ كمالًا ونقصًا، وصحة وسقما، ولا بد أن يكون رجوع الطالب إلى الطبعة المستوفية لشرائط الصحة والقبول، وهذه الشرائط ظاهرة لائحة لمن يتأملها، وتتمثل في التقديم للكتاب، وبيان وزنه العلمي، وفهرسته فهرسة فنية، تكشف عن كنوزه وخباياه، والعناية بضبطه الضبط الصحيح، والتعليق عليه بما يضيئه، ويربطه بما قبله وبما بعده، في غير سرف ولا شطط، ثم في الإخراج الطباعي، المتمثل في وجود الورق، ونصاعة الحرف الطباعي.
وقد حظى تراثنا - ولله الحمد والمنة - منذ ظهور المطبعة في القرن الخامس عشر الميلادي، إلى يوم الناس هذا، بعلماء كبار، في الشرق والغرب، توفروا على إخراجه الإخراج العلمي الصحيح، وطابعين مهرة، أظهروه في حلل زاهية، لكنه ظهر إلى جانب هؤلاء، ناشرون متساهلون، وطابعون متعجلون، أرادوا ثراء المال من أيسر سبيل. فأعرف أيها الطالب وأنكر، وأقبل وأعرض، على ما وصفت لك، تستقم دراستك، وتمض إلى ما تريد لها من كمال وإتقان.
* * *
وأحب أن يكون واضحًا، أنني اكتفيت بذكر أهم وأبرز كتب التراجم، وأضربت عما هو دونها في الشهرة، مدركًا لقيمة هذا الذي تركت وجدواه، فعلت ذلك تخفيفًاَ وتيسيرًا على الناشئة والشداة من طلبة
_________
(١) انظر كتابى، مدخل إلى تاريخ نشر التراث ص٧.
1 / 22